الطلاق بعيد.
وأما اللسان فهو قول الناس: قرأ الماء في حوضه، وقرأ الطعام في شدقه، أي: حبس، والطهر بسبب حبس الدم.
لكن عندنا: الطهر جبلة وأصل، وعليها خلقت وأنشئت، والحيض عارض، فإذا كان في الرحم دم خرج، وإلا كانت على أصل خلقتها طاهرًا؛ لأن الطهر يحبس الدم، فإذا كان هذا ما ذكرنا بطل احتجاجه باللغة واللسان.
وأما المناقصة فهي أن يقول: جعلتم هي معتدة مع زوال الأذى عنها ما لم تغتسل في إبقاء حق الرجعة.
فأما دعوى المناقصة فهي بعيدة؛ لأن الكتاب جعلها باقية ما لم تغتسل على حكم الأذى؛ فإن كان فيه طعن فعلى الكتاب.
وقال: ذكر اللَّه تعالى: (ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) باسم التذكير، لا باسم التأنيث؛ فدل أنه أراد الأطهار، يقال: ثلاثة رجال، وثلاث نسوة، فإذا أدخل فيه (الهاء) عقل أنه أراد الطهر.
قيل: إن اللغة لا تمنع عن تسمية شيء واحد باسم التذكير والتأنيث كالبر والحنطة ونحو ذلك إذا لم يكن من ذي روح، فإذا كان كذلك فلا دلالة فيه على جعل ذلك طهرًا.
وقال: القرء: هو الانتقال من حال إلى حال؛ يقال: أقرأ النجم: إذا غاب، وأقرأ: إذا طلع، ونحوه.
لكن هذا ليس بشيء؛ لأنه لو كان القرء هو الانتقال من حال إلى حال لكان يقال للنجم إذا طلع: أقرأ؛ فيكون الاسم للظهور، لا للغيبوبة، أو لهما جميعًا؛ فلا دلالة في ذلك.
وأما الأصل عندنا: فقوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)، فأمر بالإمساك عند بلوغ أجلهن. والبلوغ: اسم للتمام. ثم لا يخلو بلوغ الأجل من أن يكون بالإشراف على أول أجزاء الطهر أو عند انتهائه. فإن كان على انتهاء الطهر فلا غاية له ينتهى إليه ليقطع عليه الحكم، وإن كان على الإشراف عليه أيضًا كذلك، ثم لو حمل على الانتهاء أيضًا يبعد بما يعرف ذلك بالحيض الذي يقطع جهة الإمساك؛ فحمل على ما يعرف، لا على ما لا يعرف - واللَّه أعلم فثبت أنه الحيض؛ لأن لها الغاية.
والثاني: قوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ)، كذا اتفقوا فيه أنه مذكور على البدل، ولم يعرف ذكر الأبدال في