أي: اللَّه يعلم من حب كل واحد منهما صاحبه، وأنتم لا تعلمون ذلك.
ويحتمل: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ) وفيما صلاحكم، (وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ذلك.
* * *
قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)
وقوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ)، هن المطلقات، يرضعن أولادهن، وهو كقوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، ذكر هاهنا الأجر، وذكر هناك الرزق والكسوة، وهما واحد.
وقال آخرون: لا، ولكن قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ) هن المنكوحات، وقوله: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) هن المطلقات. دليل ذلك: ذكر الأجر في أحدهما، والرزق والكسوة في الأخرى، على أن المنكوحة إذا استؤجرت على رضاع ولدها منه لم يستوجب الأجر، ويستوجب قبل الزوج الرزق والكسوة؛ فدل هذا على أن ذكر الأجر في المطلقات، وذكر الرزق والكسوة في المنكوحات.
فَإِنْ قِيلَ: ما فائدة ذكر الرزق والكسوة في المنكوحة في الرضاع، وقد يستوجب ذلك في غير الرضاع؟
قيل: فائدة ذكر الرزق والكسوة فيه - واللَّه أعلم - لأنها تحتاج إلى فضل طعام وفضل كسوة لمكان الرضاع؛ ألا ترى أن لها أن تفطر لذلك؟! فثبت أن لها فضل حاجة في حال الرضاع ما لا يقع لها تلك الحاجة في غير حال الرضاع؛ فخرج ذكر الرزق والكسوة فيه - واللَّه أعلم - ذكر تلك الزيادة والفضل، واللَّه أعلم.
وفي القرآن دليل أن مؤنة الرضاع على الأب من أوجه:
أحدها: قوله تعالى: (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى).