تسمية البدل، ولا يجب شيء من ذلك بنفس العقد البدل حتى يستوفى في بعض ذلك، ولا يجب شيء في البعض على كل حال؛ فثبت به ما ذكرت، فأوجب ما ذكرت - ألا يراد بالمتعة نصف مهر المثل؛ إذ قد ثبت بالبيان الأول أن التدبير لا يوجب الزيادة عليه، وبالبيان الثاني أن الأمر فيه محمول على التيسير والتخفيف، ومن البعيد المجاوزة بالأمر المؤسس على التخفيف على المؤسس بالتغليظ في التغليظ.
ولم يبين لنا ماهية المتعة - ما هي؟
ومعروف أن المتعة هي التي يتمتع بها، وأن مهر المثل مما قد يتمتع به.
فجعلنا نصف مهر المثل نهاية المتعة بما هو النهاية فيما كان مبنيا على التغليظ، فلا يجاوز بها.
ذلك مع ما فيه وجهان:
أحدهما: إحالة وجوبها أكثر من مهر مثلها، فيكون الدخول بها سببًا لإسقاط الحق، وقد جعله اللَّه تعالى سببًا لمنع السقوط؛ فثبت أن مهر المثل معتبر في المتعة.
والثاني: أنها بحكم البدل عن ذلك. دليله وجهان:
أحدهما: أن المطالبة كانت بمهر المثل، والطلاق سبب إسقاط حقوق النكاح لإيجابها؛ فثبت أن المتعة كانت مكان ما فيه المطالبة، لا أن حدث الوجوب بالطلاق.
والثاني: أنه متى وجب مهر المثل لم يوجد لها نحو أن يدخل بها. ثبت أنها كانت بدلًا، فلا يزاد البدل، مع ما كان التحويل إلى غير نوع مهر المثل. إنما هو - واللَّه أعلم - لما قد يتعذر تعرفه، أو أن لم يعرف ذلك بالاجتهاد والتفحص عن أحوالها ومحلها ومحل قومها، وفي ذلك مؤن وتكلف. ثم بعد العلم بذلك لا بد من الاجتهاد في الوسط من ذلك، ثم في أمرها منهم، فجعل اللَّه تفضله من الوجه الذي للمرء سبيل العلم به عن ذلك التكلف. أو لو رفع هو إلى الحاكم أمكنه الوصول إلى العلم به بدون ما ذكرت من النظر.
فكان ذلك - واللَّه أعلم - نحو ما فرض اللَّه تعالى من زكاة الإبل، لا فيها إذا صار بحيث لو كانت فيها لكانت جزءًا يتعذر أخذ مثله، ثم التسليم إلى الشراء، فجعل في ذلك بدلا على أن الذي عليه لو خرج بتسليم العين جاز؛ فمثله ما نحن فيه.
وهذا هو وجه جعل اللَّه تعالى متعة على أنها كانت واجبة نحو الإمساك، لو رام ذلك، إذ عليه النفقة والكسوة، فإذا طلقها فجعلت هي مكان مهر المثل إذا فات السبب الذي كان