وقوله: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (٢٤٨)
وكأنهم سألوا نبيهم: ما آية ملكه؟
فقال لهم نبيهم: إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت تحمله الملائكة.
ذكر في القصة: أن التابوت يكون مع الأنبياء، إذا حضروا قتالا قدموا التابوت من بين أيديهم إلى العدو، ويستنصرون به على عدوهم. وفيه سكينة، كأنها رأس هرة فإذا أن ذلك الرأس سمع التابوت أنين ذلك الرأس دف نحو العدو، وهم يمضون معه ما مضى، فإذا استقر ثبتوا خلفه. فلما هربت بنو إسرائيل وعصوا الأنبياء سلط اللَّه تعالى عليهم عدوهم، وأخذوا منه التابوت لما سئموا وملوا، ثم رد عليهم بعد زمان طويل، وجعل ذلك آية من آيات ملك طالوت. فلا ندري كيف كانت القصة.
ثم اختلف في قوله: (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
قيل: (سَكِينَةٌ)، ريح هفافة، فيها صورة كوجه الإنسان.
وقيل: السكينة لها وجه كوجه الهرة، لها جناحان، فإذا تصوتت عرفوا النصرة.
وقيل: السكينة: طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء (١).
وقيل: (فِيه)، أي: في التابوت (سَكينَةٌ)، أي طمأنينة من ربكم، كأن التابوت في أي مكان كان اطمأنوا إليه وسكنوا.
فلا ندري ما السكينة؟ سوى أننا عرفنا أن قلوبهم كانت تسكن إليه وتطمئن. فليس لنا إلى معرفة (السكينة)، وكيفيتها حاجة.
وقوله: (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
قيل: " البقية " فيه رضاض الألواح -وهو كسرها- وثياب موسى، وثياب هارون. وقيل: عصا موسى، وعصا هارون.
(١) أكثر هذه الأقوال من الإسرائيليات المنكرة.