بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)، لقول قوم حيث قالوا: (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ، وإلا لكان في الإيمان باللَّه إيمان بجميع ذلك.
وقوله تعالى: (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
يحتمل هذا وجهين:
يحتمل: فقد عقد لنفسه عقدًا وثيقًا لا انقصام لذلك العقد ولا انقطاع، لا تقوم الحجة ببعضه.
ويحتمل: (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)، بنصره إياه بالحجج والبراهين النيرة التي من اعتصم بها لا انفصال بها عنه ولا زوال.
ثم فيه نقض على المعتزلة؛ لأنه أخبر عَزَّ وَجَلَّ أن من آمن باللَّه فقد استمسك بكذا.
والمعتزلة يقولون: صاحب الكبيرة يخلد في النار، وهو مؤمن باللَّه، فأية عروة أوهَى من هذا على قولهم؟ وأن له زوالاً وانقطاعًا من ثوابه الذي وعد له عَزَّ وَجَلَّ بإيمانه وتصديقه به. وباللَّه العصمة.
وقوله تعالى: (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) لقولهم، (عَلِيمٌ) بثوابهم.
أو (سَمِيعٌ)، بإيمانهم، (عَلِيمٌ)، بجزاء إيمانهم. واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا (٢٥٧)
قيل: الولي: الحافظ.
وقِيل: الولي: الناصر، وهو ناصر المؤمنين وحافظهم.
وقيل: سمى وليًّا لأنه يلي أمور الخلق من النصر والحفظ والرزق وغيره. وعلى ذلك يسمى الولي وليًّا لما يلي أمور الناس.
وقيل: قوله: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)، أي: اللَّه أولى بهم إليه رجاؤهم أطعمهم، وهو الذي يكرمهم، وأن الطاغوت أولى بالكافرين، كما قال: (وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)، أي أولى بهم. واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ).
وقوله: (يُخرِجُهُم)، بمعنى: أخرجهم. وجائز هذا في اللغة (يفعل) بمعنى (فعل)، و (فعل) بمعنى (يفعل)، جاز فيها، غير ممتنع عنه.