وقيل: الإضلال: الإهلاك.
وقيل: الإضلال: هو التحير، وكل ضال طريقًا فهو متحير تائه، (وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) أي: ما يهلكون إلا أنفسهم وما يُخْمِلون إلا ذكر أنفسهم.
(وَمَا يَشْعُرُونَ)
أي: وما يشعرون أنهم يهلكون أنفسهم، أو يحيرون، وما يشعرون ماذا عليهم فيما ودّوا من أليم العقاب، واللَّه أعلم.
ويقال: نزلت في عبد اللَّه بن مسعود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠)
قوله: (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ): يحتمل وجوهًا:
يحتمل: وأنتم تشهدون تلك الآيات، وتعاينونها، وتعلمون أنها آيات، لكن تكابرون وتعاندون، ولا تؤمنون بها.
ويحتمل: (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ)، أي: وأنتم تعلمون ما في التوراة والإنجيل: من بعث مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته - أنه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أفضل المخلوقات، وأنه حق، ولكن لا تتبعونه.
وقيل: (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ)، أي: تعلمون أنها آيات؛ والآيات تحتمل: القرآن، وتحتمل: رسول اللَّه محمدًا. وتحتمل غيرها من الآيات التي جاء بها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لم تكفرون بدين اللَّه، وأنتم تعلمون بدلالة الخلقة، وشهادة كتبكم أن دين اللَّه وتوحيده حق؟!.
وقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)
في الآية دلالة جواز هتك الستر، وإفشاء المكنون والمكتوم من الأمر؛ إذا كان في ذلك تحذير لغيرهم عن مثله، وترغيب لهم في المحمود من الفعل.
ثم فيه دلالة إثبات رسالة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه يخبرهم عما كانوا يكتمون وُيسِرُّون فيما بينهم، وذلك من إطلاع اللَّه إياه على ذلك. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ): ذلك؛ ألا ترى أنهم لم يتعرضوا له بشيء من ذلك، فيقولوا: متى كتمنا الحق؟ ومتى لبسنا الحق بالباطل؟! فدل