وتعرفت، ومنه. قوله: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً النساء: ٦ ، أي علمتم. وروي، عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار قال: جاءت امرأة إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: «يا رسول الله، إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد، فيأتي الأب فيدخل عليّ، فكيف أصنع؟ قال: «ارجعي» . فنزلت هذه الآية «١» : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا. قال مجاهد: وهو التنحنح. وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ، يعني:
التسليم والاستئذان خير لكم من أن تدخلوا بغير إذن وسلام، لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أن التسليم والاستئذان خير لكم.
قال عز وجل: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً، يعني: إن لم تجدوا في البيوت أحدا يأذن لكم في الدخول، فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ في الدخول، وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا، ولا تقيموا على أبواب الناس، فلعل لهم حوائج. هُوَ أَزْكى لَكُمْ، يعني:
الرجوع، أصلح لكم من القيام والقعود على أبواب الناس. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، يعني:
إذا دخلتم بإذن أو بغير إذن. ثم رخص لهم في البيوت على طريق الناس مثل الرباطات والخانات، وذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، فكيف بالبيوت التي بين الشام ومكة والمدينة التي على ظهر الطريق ليس لها ساكن «٢» ، فنزل قوله عز وجل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ، مثل الخانات وبيوت السوق. فِيها مَتاعٌ لَكُمْ، يعني: منافع لكم ويقال: الخربات التي يدخل فيها لقضاء الحوائج فيها منفعة لكم، ويقال: في الخانات منفعة لكم من الحر والبرد. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ من التسليم والاستئذان.
سورة النور (٢٤) : الآيات ٣٠ الى ٣١
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)
(١) عزاه السيوطي: ٦/ ١٧١ إلى الفريابي وابن جرير من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار.
(٢) عزاه السيوطي: ٦/ ١٧٦ إلى ابن أبي حاتم.