ثم قال: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي: شك ونفاق أَمِ ارْتابُوا يعني: شكوا في القرآن، أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ يعني: يجور الله عليهم ورسوله. قال بعضهم: اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الإفهام، فكأن الله تعالى يعلمنا بأن في قلوبهم مرضاً، وأنهم شكوا ونافقوا، ويقال: في قلوبهم مرض، يعني: بل في قلوبهم مرض أم ارْتابُوا بل شكوا ونافقوا.
قال الله تعالى: بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يعني: هم الظالمون لا النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ثم قال عز وجل: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ يعني: المصدقين إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني: إلى كتاب الله ورسوله يعني: أمر رسوله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ يعني: ليقضي بينهم بالقرآن أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا يعني: سمعنا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأطعنا أمره، فإن فعلوا ذلك وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني: الناجين الفائزين.
سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٢ الى ٥٤
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤)
ثم قال عز وجل: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني: يطع الله في الفرائض، ويطع الرسول في السنن. وَيَخْشَ اللَّهَ فيما مضى وَيَتَّقْهِ فيما يستقبل فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ أي الناجون. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فيوحده، وَرَسُولَهُ فيصدقه بالرسالة، يخشى الله فيما مضى من ذنوبه، ويتقه فيما بقي من عمره، فَأُولئِكَ هم الفائزون، يعني: الناجين من العذاب آمنين عند سكرات الموت.
قال: فلما نزلت هذه الآية أقبل عثمان إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا رسول الله إن شئت لأخرجن من أرضي ولأدفعنها إليه، وحلف على ذلك، فمدحه الله تعالى بذلك فقال عز وجل: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
يعني: حلفوا بالله، وإذا حلفوا بالله كان ذلك جهد اليمين. لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ
من الأموال. قال الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ لا تُقْسِمُوا
يعني: لا تحلفوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
يعني: هذه منكم طاعة معروفة وقال القتبي: ومعناه، هذه طاعة معروفة لا طاعة نفاق، فكأن فيه مضمراً، لأن بعض الناس منافقون، فأخبر أن هذه طاعة ليس فيها نفاق. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ
يعني: في السر والعلانية.
ثم قال عز وجل قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ يعني: أطيعوا الله في الفرائض، وأطيعوا الرسول في السنن. فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني: أعرضوا عن الطاعة لله والرسول فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ يعني: ما أمر بتبليغ الرسالة وليس عليه من وزركم شيء، وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ يعني: