قوله عز وجل: قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ يعني: أنصدقك وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ يعني: سفلتنا ويقال: المساكين، ويقال: الضعفاء. قرأ يعقوب الحضرمي: وأتباعك الأرذلون وهو جمع تابع ومعناه: وأتباعك الأرذلون، وقراءة العامة وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ بلفظ الماضي اتّبعك من تبعك قالَ لهم نوح: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: ما كنت أعلم أن الله تعالى يهديهم من بينكم ويدعكم إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي يعني: ما حسابهم إلا على ربي. ويقال:
ما سرائرهم إلا عند ربي لَوْ تَشْعُرُونَ أن الله تعالى علام الغيوب.
قالوا لنوح: اطردهم حتى نؤمن بك. قال لهم نوح: وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ يعني: ما أنا إلا منذر لكم بلغة تعرفونها قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ أي من المقتولين. ويقال: من المرجومين بالحجارة.
قوله عز وجل: قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ بالعذاب والتوحيد فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً يعني: اقض بيني وبينهم قضاء، ويقال للقاضي: فتاح، وهذه لغة أهل اليمن وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ من العذاب ومن أذى الكفار فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ يعني: السفينة المملوءة الموقرة من الناس والأنعام، وغير ذلك ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ يعني:
من بقي ممن لم يركب السفينة، ولفظ البعد والقبل إذا كان بغير إضافة يكون بالرفع مثل قوله:
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ الروم: ٤ وكقوله: ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ وإذا كانت بالإضافة يكون نصباً في موضع النصب كقوله: وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ الأنبياء: ١١ .
ثم قال عز وجل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: لعبرة لمن استخف بفقراء المسلمين واستكبر عن قول الحق وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ فلم يؤمن من قومه إلاَّ ثمانون من الرجال والنساء وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ بالنقمة لمن تعظم عن الإيمان، واستخف بضعفاء المسلمين، واستهزأ بهم الرَّحِيمُ لمن تاب.
سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢٣ الى ١٣٢
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧)
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢)
وقوله عز وجل: كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ يعني: كذبوا هوداً عليه السلام إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ وقد ذكرناه أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ يعني: بكل طريق آيَةً علامة،