أخوهم وقال بعضهم: كان مدين والأيكة واحداً، وهو الغيضة بقرب مدين، فذكره في موضع أخوهم، ولم يذكره في الآخر. ثم قال: أَلا تَتَّقُونَ يعني: ألا تخافون الله تعالى فتوحدوه إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ وقد ذكرناه.
سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٨١ الى ١٩١
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥)
وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)
ثم قال عز وجل: أَوْفُوا الْكَيْلَ لا تنقصوها وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ يعني: من الناقصين في الكيل والوزن، وفي هذا دليل على أنه أراد بهذا أهل مدين، لأنه ذكر في تلك الآية وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ
الأنعام: ١٥٢ كما ذكرها هنا.
ثم قال: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ يعني: بميزان العدل بلغة الروم. ويقال: هو القبان وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ يعني: لا تنقصوا الناس حقوقهم. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص بالقسطاس بكسر القاف، وقرأ الباقون بالضم، وهما لغتان.
ثم قال: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ يعني: لا تسعوا فيها بالمعاصي. يقال: عثا يعثو، وعاث يعيث، وعثى يعثي إذا ظهر الفساد.
ثم قال عز وجل: وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ يعني: الخليقة الأولين قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وقد ذكرناه وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ يعني:
ما نظنك إلا من الكاذبين فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أي جانبا من السماء، وقرئ كِسَفاً بنصب السين، أي قطعاً، وهو جمع كسفة إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ شعيب عليه السلام: رَبِّي أَعْلَمُ من غيره بِما تَعْمَلُونَ من نقصان الكيل فَكَذَّبُوهُ ثانية فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ لأنه أصابهم حر شديد، فخرجوا إلى الغيضة، فاستظلوا بها، فأرسل عليهم ناراً فأحرقت الغيضة، فاحترقوا كلهم إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ صار العذاب نصباً، لأنه خبر كان إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: لعبرة لمن نقص في الكيل والوزن وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: قوم شعيب وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ بالنقمة لمن نقص الكيل والوزن الرَّحِيمُ لمن تاب ورجع.