يقول: هل لكم مماليك شركاء في الميراث الذي ترثونه من آبائكم، وأنتم تخافون أن يدخل معكم مملوككم في ذلك الميراث، كما تدخلون أنتم فيه. فكما لا يكون للملوك أن يدخل في مواريثكم، فكذلك لا يكون لهذا الوثن الذي تعبدونه من دون الله عز وجل، أن يدخل في ملكي. وإنما خلقي وعبيدي.
قال أبو الليث- رحمه الله عز وجل-: وفي الآية دليل أن العبد لا ملك له، لأنه أخبر أن لا مشاركة للعبيد فيما رزقنا الله عز وجل من الأموال.
ثم قال عز وجل: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ يعني: نبيّن العلامات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ الأمثال فيوحدونه.
ثم قال عز وجل: بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ يعني: اتبع الذين كفروا أهواءهم بعبادة الأوثان بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني: بغير حجة فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ يعني: فمن يهدي إلى توحيد الله، من أضله الله وخذله وطرده. ويقال: فمن يرشد إلى الحق من خذله الله عز وجل وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يعني: مانعين من عذاب الله.
سورة الروم (٣٠) : الآيات ٣٠ الى ٣٥
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤)
أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)
قوله عز وجل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً أي: أخلص دينك الإسلام للدين حنيفاً.
يعني: للتوحيد مخلصاً. ويقال: يذكر الوجه ويراد به هو، فكأنه يقول: فأقم الدين مخلصاً.
ويقال: معناه فأقبل بوجهك إلى الدين، وأقم عليه حنيفاً، أي: مخلصاً، مائلاً إليه. ويقال:
أخلص دينك وعملك لله تعالى، وكن مخلصا.
ثم قال: فِطْرَتَ اللَّهِ يعني: اتبع دين الله. ويقال: اتبع ملة الله. ويقال: الفطرة الخلقة يعني: خلقة الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها أي: خلق البشر عليها كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً هَلْ تُحِسُّونَ