صالِحاً
يعني: وحّده وعمل بالطاعة بعد التوحيد فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ قال مقاتل: أي يقدمون. وقال مجاهد. يعني: لأنفسهم يفرشون في القبر. ويقال: في الجنة. ويقال:
فلأنفسهم يعملون ويستعدون.
قوله عز وجل: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ينصرف إلى قوله يصدعون. يعني: يتفرقون لكي يجزي الذين آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ يعني: من رزقه. ويقال: من ثوابه. ويقال:
بفضله إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْكافِرِينَ بتوحيد الله عز وجل. ويقال: لا يرضى دين الكافرين.
سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤٦ الى ٥١
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)
وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١)
ثم قال عز وجل: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ يعني: ومن علامات وحدانيته أن يعرفوا توحيده بصنعه، أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّراتٍ بالمطر. ويقال: يستبشر بها الناس. ويقال: فإذا كان الاستبشار به ينسب الفعل إليه وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ يعني: ليصيبكم من نعمته وهو المطر وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ يعني: السفن تجري في البحر بالرياح بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني: لتطلبوا في البحر من رزقه كل هذا بالرياح وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ رب هذه النعم فتوحّدوه.
لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ
يا محمدسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ
بالأمر والنهي، فكذبوهم كما كذب قومك انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
بالعذاب يعني: من الذين كفروا كانَ حَقًّا عَلَيْنا
يعني: واجباً عليناصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
بالنجاة مع رسولهم. وإنما هو وجوب الكرم، لا وجوب اللزوم.
ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا، فقال الله عزَّ وَجَلَّ: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً يعني: تدفعه وتهيجه. يقال: ثار الغبار إذا ارتفع فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ يعني: كيف