تزويجهما أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ يعني: اختيار من أمرهم بخلاف ما أمر الله ورسوله. قرأ حمزة والكسائي وعاصم: أن يكون بالياء بالتذكير. وقرأ الباقون: بالتاء بلفظ التأنيث. فمن قرأ بالتاء: فلأن لفظ الخيرة مؤنث. ومن قرأ بالياء: فإنه ينصرف إلى المعنى، ومعناهما الاختيار لتقديم الفعل وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً فلما سمعت زينب بنت جحش نزول هذه الآية قالت: أطعتك يا رسول الله.
سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٣٧ الى ٣٩
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٣٧) مَّا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٣٩)
ثم قال عز وجل: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ يعني: زيد بن حارثة قد أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعتق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ قال قتادة: جاء زيد بن حارثة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إن زينب اشتد عليّ لسانها، وإني أريد أن أطلقها. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«اتَّقِ الله أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» . وكان يحب النبي صلّى الله عليه وسلم أن يطلقها. وخشي مقالة الناس أن أمره بطلاقها فنزلت هذه الآية.
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم إلى زيد بن حارثة يطلبه في حاجة له. فإذا زينب بنت جحش قائمة في درع وخمار. فلما رآها أعجبته ووقعت في نفسه. فقال: «سُبْحَانَ الله مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي» . فلما سمعت زينب جلست.
فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فلما جاء زيد ذكرت ذلك له. فعرف أنها أعجبته ووقعت في نفسه، وأعجب بها رسول الله. فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله: إنَّ زينب امرأة فيها كبر، تعصي أمري، ولا تبرُّ قسمي، فلا حاجة لي فيها. فقال له: «اتَّقِ الله يَا زَيْدُ فِي أَهْلِكَ وَأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» . وكان يحب أن يطلقها. فطلّقها زيد ونزلت هذه الآية أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ. وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ يعني: تسر في نفسك ليت أنه طلقها مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ يعني:
مظهره عليك حتى ينزل به قرآناً وَتَخْشَى النَّاسَ يعني: تستحي من الناس. ويقال: