سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٤
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ، أي تصدقوا. قال بعضهم: أراد به الزكاة المفروضة. وقال بعضهم: صدقة التطوع. ثم بيّن لهم أن الدنيا فانية وأنه في الآخرة لا ينفعهم شيء إلا ما قدموه. قال تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ، يقول: لا فداء فيه وَلا خُلَّةٌ يعني الصدقة وهذا كما قال في آية أخرى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ الزخرف: ٦٧ . وَلا شَفاعَةٌ للكافرين كما يكون في الدنيا.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ بالنصب وكذلك في سورة إبراهيم: «لاَ بَيْعَ فِيهِ وَلاَ خِلاَلَ» وقرأ الباقون بالضم مع التنوين. ثم قال تعالى عز وجل:
وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ أنفسهم. والظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه. وكان المشركون يقولون: الأصنام شركاؤه وهم شفعاؤنا عند الله فوحد الله نفسه.
سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٥
اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)
فقال عز وجل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ يقول: لا خالق ولا رازق ولا معبود إلا هو. ويقال: الإثبات إذا كان بعد النفي، فإنه يكون أبلغ في الإثبات، فلهذا قال: اللَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ فبدأ بالنفي ثم استثنى الإثبات، فيكون ذلك أبلغ في الإثبات. الْحَيُّ الْقَيُّومُ، يقول: الحي الذي لا يموت، ويقال: الحي الذي لا بدئ له، يعني لا ابتداء له الْقَيُّومُ، يعني القائم على كل نفس بما كسبت، ويقال: القائم بتدبير أمر الخلق في إنشائهم ورزقهم ومعنى القائم: هو الدائم.
لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ روي عن علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- أنه قال:
السنة والنوم، كلاهما واحد، ولكنه أول ما يدخل في الرأس يقال له: سنة ويكون بين النائم واليقظان، فإذا وصل إلى القلب صار نوماً. ويقال: معناه: أنه ليس بغافل عن أمور الخلق، فيكون النوم على وجه الكناية. وقال بعضهم هو على ظاهره أنه مستغن عن النوم.