قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعني: المنافقين اتخذوا اليهود أولياء وتولَّوهم وناصحوهم، وهم اليهود، وغضب الله عليهم- ثم قال: مَّا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ يعني: ليسوا منكم في الحقيقة ولا من اليهود في العلانية، وهذا كقوله: لاَ إلى هَؤُلاء وَلاَ إلى هؤلاء. وكانوا إذا سألهم المسلمون: إنكم تتولون اليهود، كانوا يحلفون بالله إنهم من المؤمنين، كما قال الله تعالى في آية أخرى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ فأخبر الله تعالى إنهم لكاذبون في أيمانهم، فقال: وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يعني: يحلفون أنهم مصدقون في السر وهم يعلمون أنهم مكذبون.
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً في الآخرة. إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: بئس ما كانوا يعملون بولايتهم اليهود وكذبهم وحلفهم، ثم قال عز وجل: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً يعني: جعلوا حلفهم بدلاً عن القتل، ليأمنوا بها عن القتل والسبي فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني: صَدُّوا وصرفوا الناس عن دين الله تعالى في السر. فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ يهانون فيه.
قوله تعالى: لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً يعني: لم تنفعهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً. أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يعني:
دائمين. ثم قال عز وجل: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً يعني: المنافقين واليهود، فَيَحْلِفُونَ لَهُ يعني: يحلفون لله تعالى في الآخرة، كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ في الدنيا وحَلفهم في الآخرة ما قال الله تعالى في سورة الأنعام وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ الأنعام: ٢٣ ، وروى معمر، عن قتادة قال: المنافق يحلف لله تعالى يوم القيامة، كما كان حلف لأوليائه في الدنيا.
ثم قال: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ يعني: يحسبون أن يمينهم تنفعهم شيئاً، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ في قولهم، ويقال: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ من الدين، ويقال:
وَيَحْسَبُونَ يعني: يحسب المؤمنون أنهم على شيء، يعني: إن المنافقين على شَىْء من الدين، يعني: إذا سمعوا حلفهم. قال الله تعالى: مِنْ الدين يعني: إذا سمعوا حلفهم، قال الله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ في حلفهم وهم كافرون في السر. ثم قال: اسْتَحْوَذَ