سورة الشرح
وهي ثمان آيات مكيّة
سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٤
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)
قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ هو معطوف على قوله أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى الضحى: ٦ وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قال: «سَألْتُ رَبِّي مَسْأَلَةً، وَوَدَدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْألْهَا قَطُّ، فَقُلْتُ:
اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيماً. فَقَالَ الله تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى قُلْتُ: بَلَى قال: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧) الضحى: ٧ قُلْتُ: بَلَى قال: وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (٨) الضحى: ٨ قُلْتُ: بَلَى. قال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» الآية.
وروي عن بعض المتقدمين أنه قال: سورة التوبة والأنفال، بمنزلة سورة واحدة، وسورة ألم نشرح لك والضحى بمنزلة سورة واحدة، وسورة لإيلاف قريش وألم تر كيف فعل ربك، بمنزلة سورة واحدة.
قال أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يعني: ألم نوسع قلبك بالتوحيد والإيمان، وهذا قول مقاتل. وقال الكلبي: أتاه جبريل فشرح صدره، حتى أبدى قلبه، ثم جاء بدلو من ماء زمزم، فغسله وأنقاه مما فيه، ثم جاء بطشت من ذهب قد ملئ علماً وإيماناً، فوضعه فيه.
ويقال الانشراح للعلم، حتى علم أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان مؤمناً من وقت الميثاق، فشق صدره على جهة المثل، فيعبر به عنه. ويقال أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يعني: ألم نلين قلبك بقبول الوحي، وحب الخيرات. ويقال: معناه، ألم نطهر لك قلبك، حتى لا يؤذيك الوسواس، كسائر الناس. ويقال: معناه أَلَمْ نَشْرَحْ يعني: نوسع لك قلبك بالعلم، كقوله وعلمك مما لم تكن تعلم.
ثم قال: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ يعني: غفرنا لك ذنبك، كقوله لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ