أَكْبَرُ
التوبة: ٧٢ قرأ عاصم في رواية أبي بكر وَرُضْوَان بضم الراء، والباقون بالكسر، وهما لغتان، وتفسيرهما واحد وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ أي عالم بأعمالهم وثوابهم.
ثم وصفهم فقال تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا أي صَدَّقْنَا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أي: خطايانا التي كانت في الشرك وفي الإسلام وَقِنا عَذابَ النَّارِ يعني ادفع عنا عذاب النار الصَّابِرِينَ يعني الجنة التي ذكر للذين اتقوا الشرك، وللصابرين الذين يصبرون على طاعة الله، ويصبرون على المعاصي، ويصبرون على ما أصابهم من الشدة والمصيبة. وَالصَّادِقِينَ يعني الصادقين في إيمانهم، وفي قلوبهم، وفي وعدهم بينهم وبين الناس، وبينهم وبين الله تعالى. ثم قال: وَالْقانِتِينَ يعني المطيعين لله تعالى وَالْمُنْفِقِينَ
الذي يتصدقون من أموالهم فِي سَبِيلِ الله وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ يعني يصلون لله عند الأسحار. ويقال: يصلون لله بالليل، ويستغفرون عند السحر.
سورة آل عمران (٣) : آية ١٨
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني أن الله تعالى قَبْل أن يخلق الخلق شهد أن لا إله إلا هو وَالْمَلائِكَةُ ولما خلق الملائكة شهدوا بذلك، ثم لما خلق الله المؤمنين شهدوا بمثل ذلك وهم أُولُوا الْعِلْمِ يعني المؤمنين شهدوا بذلك قائِماً بِالْقِسْطِ يعني الله قائماً بالعَدْل على كل نفس. ويقال: من أقرّ بهذه الشهادة على عقد قلبه، فقد قام بالعدل. وقال مقاتل: سبب نزول هذه الآية أن عبد الله بن سلام وأصحابه، قالوا لرؤساء اليهود اتبعوا دين محمد صلى الله عليه وسلم.
فقالت اليهود: ديننا أفضل من دينكم. فقال الله عز وجلّ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ يشهدون بذلك، وأولو العلم بالتوراة يشهدون بذلك، ويشهدون إن الله قائم بالقسط، أي بالعدل، وأن الدين عند الله الإسلام.
قال الكلبي: وفيه وجه آخر وذلك أنه لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، قدم عليه حَبْران من أحبار الشام، فلما نظرا إلى المدينة قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا عليه قالا له: أنت محمد؟ قال: «نَعَمْ» . قالا:
وأنت أحمد؟ قال: «أَنا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ» . قالا: أَخْبِرْنا عن أعظم الشهادة في كتاب الله تعالى، فنزلت هذه الآية شَهِدَ اللَّهُ ... الخ. فأسلم الرجلان وصدَّقا أن الدين عند الله الإسلام.
وروي عن أبي عبيدة أنه قال: شَهِدَ الله يعني عَلِم الله وبيّن الله، فالله عز وجل دَلَّ على توحيده بجميع ما خلق، فبيّن أنه لا يقدر أحد أن ينشئ شيئاً واحداً مما أنشأ الله تعالى،