علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنهما قالا: حدّ العبد نصف حد الحر.
ثم قال تعالى: ذلِكَ يعني هذا الذي ذكر في الآية، وهو رخصة نكاح الأمة لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ يعني الإثم في دينه. ويقال: الزنى والفجور. قال القتبي: أصله المضرور الإفساد. قال تعالى وَأَنْ تَصْبِرُوا عن نكاح الإماء خَيْرٌ لَكُمْ من تزوجهن، لأنه لو تزوج الأمة يصير ولده عبداً. وروي عن عمر أنه قال: أيما حر تزوج بأمة فقد أرق نصفه، أي يصير ولده رقيقاً، فالصبر عن ذلك أفضل لكيلا يرق ولده. وقال مجاهد: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ يقول: وإن تصبروا على نكاح الأمة خير لكم من أن تقعوا في الفجور. وَاللَّهُ غَفُورٌ لما أصبتم منهن قبل تحليله رَحِيمٌ حين رخص في نكاح الإماء. ويقال: رحيم إذ لم يعجل العقوبة.
سورة النساء (٤) : الآيات ٢٦ الى ٣١
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠)
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ أي بيّن لكم أن الصبر خير لكم من نكاح الإماء، ويقال: يبين لكم إباحة نكاح الأمة عند العذر. ثم قال تعالى: وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي شرائع الذين من قبلكم بأنه لم يحل لهم تزوج الإماء، وقد أحل لكم ذلك. وقال مقاتل: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ حكم حلاله وحرامه من النساء، وَيَهْدِيَكُمْ أي يبين لكم شرائع من كان قبلكم.
وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ أي يتجاوز عنكم ما كان منكم قبل التحريم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمن فعله منكم بعد التحريم حَكِيمٌ فيما نهاكم عن نكاح الاماء إن لم يجد طولاً. والنهي نهي استحباب لا نهي وجوب. ويقال: إن هذا ابتداء القصة، يريد الله أن يبين لكم كيفية طاعته وَيَهْدِيَكُمْ يعني يعرفكم سنن الذين من قبلكم، يعني أنهم لما تركوا أمري فكيف عاقبتهم؟ وأنتم إذا فعلتم ذلك لا أعاقبكم، ولكني أتوب عليكم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمن تاب حَكِيمٌ حكم بقبول التوبة.