الله هو إظهار ما علم منهم بشيء من الصيد. يعني: ببعض الصيد. فتبعيضه يحتمل أن يكون معناه: ما داموا في الإحرام، فيكون ذلك بعض الصيد، ويحتمل أن يكون على معنى التخصيص، يحمل ذلك على وجه تبيين جنس من الأجناس كما قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ الحج: ٣٠ ويحتمل بعض الصيد، يعني صيد البر دون صيد البحر، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ يعني: تأخذونه بأيديكم بغير سلاح، مثل البيض والفراخ، وَرِماحُكُمْ يعني: تأخذونه بسلاحكم، وهو الكبار من الصيد، لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ يعني: يميز الله من يخاف من الذين لا يخافون.
وبيّن فضل الخائفين: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ يعني: من أخذ الصيد بعد النهي فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني: وجيع يعني الكفارة والتعذيب في الدنيا والآخرة، والعذاب إن مات بغير توبة.
ثم قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يعني: وأنتم محرمون ويقال:
وأنتم محرمون أو في الحرم. ثم بيّن الكفارة فقال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يعني: عليه الفداء مثل ما قتل. قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي: فَجَزاءٌ مِثْلُ بتنوين الهمزة وبضم اللام. وقرأ الباقون: بالضم بغير تنوين وبكسر اللام. فأما من قرأ:
بالتنوين. فمعناه: فعليه جزاء، ثم صار المثل نعتاً للجزاء. وأما من قرأ: بغير تنوين فعلى معنى الإضافة إلى الجزاء يعني: عليه جزاء ما قتل من النعم، يشتري بقيمته من النعم ويذبحه. يعني:
إذا كان المقتول يوجد النعم.
ثم قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ يعني: رجلان مسلمان عدلان ينظران إلى قيمة المقتول، ثم يشتري بقيمته هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ يعني: يبلغ بالهدي مكة ويذبحه هناك ويتصدق بلحمه على الفقراء. أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ يعني: إن شاء يشتري بقيمته طعاماً ويتصدق به على كل مسكين نصف صاع من حنطة أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً يعني: يصوم مكان كل نصف صاع من حنطة يوماً. قال ابن عباس: إنما يقوّم لكي يعرف مقدار الصيام من الطعام فهو بالخيار بين هذه الأشياء الثلاثة إن شاء أطعم، وإن شاء أهدى، وإن شاء صام. قرأ نافع وابن عامر: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ بغير تنوين على معنى الإضافة. وقرأ الباقون كَفَّارَةٌ بالتنوين والطعام نعتاً لها.
ثم قال: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ يعني: عقوبة ذنبه لكي يمتنع عن قتل الصيد. عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ يعني: عما مضى قبل التحريم وَمَنْ عادَ بعد التحريم فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ يعني:
يعاقبه الله تعالى. ومع ذلك يجب عليه الكفارة. وقال بعضهم: لا يجب عليه الكفارة إذا قتل مرة أخرى.
وروى عكرمة عن ابن عباس: أنه سئل عن المحرم يصيب الصيد فيحكم عليه، ثم يصيبه