وَإِنَّ الكافِرَ إذَا حُضِرَ أتَتْهُ المَلائِكَةُ بِمِسْحٍ فِيهِ جَمْرَةٌ، فَتُنْتَزَعُ رُوحُهُ انْتِزَاعاً شَدِيداً. ويقالُ لَهَا:
أيَّتُها النَّفْسُ الخَبِيثَةُ اخْرُجِي سَاخِطَةً وَمَسْخُوطَةً إلَى هَوَانِ الله وَعَذَابِهِ، فإذا خَرَجَتْ رُوحُهُ وُضِعَتْ عَلَى تِلْكَ الجَمْرَةِ وإنَّ لَهَا نَشِيجاً وَيُطْوَى عَلَيْهَا المِسْحُ، وَيُذْهَبُ بِهَا إلى سِجِّين» .
ثم قال الله تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ يعني إذا بعثوا يوم القيامة يقال لهم: اليوم تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ يعني: الهوان أي الشديد بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ في الدنيا غَيْرَ الْحَقِّ بأن معه شريكاً وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ يعني: عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، ولم تقرّوا به.
قوله تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى يعني: في الآخرة فُرادى لا ولد لكم ولا مال.
الفرادى جمع فرد، يعني: ليس معكم من دنياكم شيء. كَما خَلَقْناكُمْ يعني: أعطيناكم من المال والولد وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ في الدنيا. وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ يعني: آلهتكم الَّذِينَ زَعَمْتُمْ في الدنيا أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ يعني: قلتم لي شريك ولكم شفعاء عند الله.
لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ قرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص بَيْنَكُمْ بالنصب وقرأ الباقون بَيْنَكُمْ بالضم فمن قرأ بالضم جعل البَيْن اسماً، يعني: تقطع وصْلُكم ومودتكم.
ومن قرأ بالنصب فمعناه لقد تقطع ما كنتم فيه من الشركة بينكم، فيصير نصباً بالظرف كما تقول: أصبحت بينكم أي فيما بينكم. وَضَلَّ عَنْكُمْ مَّا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني: اشتغل عنكم ما كنتم تعبدون وتزعمون أنها شفعاؤكم.
وقوله تعالى:
سورة الأنعام (٦) : الآيات ٩٥ الى ٩٦
إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦)
إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يعني: يشق الحبة اليابسة، فيخرج منها ورقاً خضراً.
ويقال: فالق الحب مثل البر والشعير والذرة والحبوب كلها، والنوى كل ثمرة فيها نوى مثل الخوخ والمشمش والغيبر والإجاص يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ، وقد ذكرنا تأويله ذلِكُمُ اللَّهُ يعني: هذا الذي يفعل بكم هو الله تعالى: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ يعني: كيف تكفرون ومن أين تكذبون؟ فذكر عيب آلهتهم، ثم دلّ على وحدانيته بصنعته.