الشام، ثم قال: وَاللَّهُ غَفُورٌ لما كان في الشرك، رَحِيمٌ بهم في الإسلام.
سورة التوبة (٩) : آية ٢٨
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ، يعني: قذر ورجس، ولم يقل أنجاس، لأن النَّجَس مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا فهذه الآية من الآيات التي قرأها عليهم علي بن أبي طالب بمكة، يعني: لا يدخلوا أرض مكة، وقال مقاتل: يعني: الحرم كله، وقال مالك بن أنس: لا يجوز للكفار أن يدخلوا المساجد، لأن الله تعالى قال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ كما أن الجنب لا يجوز له أن يدخل المسجد.
وقال الزهري: له أن يدخل جميع المساجد إلا المسجد الحرام، وهو قول الشافعي رحمه الله، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه: يجوز للذمي أن يدخل جميع المساجد، لأن الكفار كانوا يدخلون مسجد المدينة إذا قدموا وافدين من قومهم. وهذه الآية نزلت في شأن أهل الحرب: إنهم لا يدخلون المسجد الحرام بغير أمان، ولا يكون لهم ولاية البيت. وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال: «لا يدخلون المسجد الحرام إلا بإذن أو عهد» .
ثم قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً، يعني: حاجة وفقراً. وقال الزجاج: العيلة الفقر، كما قال الشاعر:
وَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِنَاه ... وَلاَ يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
ثم قال: فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أي من رزقه وذلك أنه لما منع المشركون من مكة، قال أناس من التجار لأهل مكة: من أين تأكلون؟ فنزل وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
، يعني: من رزقه، ففرحوا بذلك، فأسلم أهل جدة وصنف من أهل اليمن، فحملوا الطعام إلى مكة من البر والبحر، وأغناهم الله بذلك، يعني: أغناهم عن تجار الكفار بالمؤمنين. ثم قال: إِنْ شاءَ، يعني: يدوم لكم بمشيئة الله. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بخلقه حَكِيمٌ في أمره.
سورة التوبة (٩) : آية ٢٩
قاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩)
قوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، يعني: لا يصدقون بتوحيد الله، وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ بالبعث بعد الموت، وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، في التوراة والإنجيل والقرآن، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ، يقول: لا يخضعون لدين الحق، ولا يقرون بشهادة لا إله