الحق يعني: الإسلام وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ يعني: ظهر دين الله الإسلام. وَهُمْ كارِهُونَ، يعني:
كارهون للإسلام.
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي، يعني: جد بن قيس كان من المنافقين، حرّضه النبي صلّى الله عليه وسلّم على الخروج إلى الغزو، فقال: يا رسول الله، إن قومي يعلمون حرصي على النساء، فأخشى أني لو خرجت وقعت في الإثم، ولا تفتني ببنات الأصفر. وكان الأصفر رجلاً من الحبش ملك ناحية من الروم، فتزوج رومية، فولدت له بنات اجتمع فيهن سواد الحبش وبياض الروم وكنّ فتنة، فقال جد بن قيس: لا تفتني ببنات الأصفر، فإني أخاف أن لا أصبر وأضع يدي على الحرام، فأذن له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالقعود، فنزل. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يعني: من المنافقين ائْذَنْ لِي في التخلف وَلا تَفْتِنِّي، يعني: ولا توقعني في الفتنة والإثم.
ثم قال الله تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، يعني: ألا في الكفر والنفاق وقعوا. وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ، يعني: جعلت جهنم للكافرين، وهو جد بن قيس ومن تابعه.
سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٠ الى ٥١
إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١)
قوله تعالى: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ، يعني: إن أصابك الغنيمة والنصر ساءهم ذلك.
وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ، يعني: الشدة والنكبة الهزيمة. يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ، يعني:
حذرنا بالقعود والتخلف عن الخروج من قبل المصيبة. وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ بما أصابك وبتخلفهم.
قال الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا، يعني: إلاَّ ما قضي الله لنا وقدر علينا من شدة أو رخاء، ويقال: إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا، يعني: في اللوح المحفوظ، ويقال: إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا في القرآن وهو قوله تعالى: فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ التوبة: ١١١ .
ثم قال: هُوَ مَوْلانا، أي ولينا وناصرنا وحافظنا. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، يعني: وعلى المؤمنين أن يتوكلوا على الله، ويقال: وعلى الله فليثق الواثقون.
سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٢ الى ٥٥
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥)