بعض، وبعضهم معين لبعض في الطاعة. يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، يعني: بالإيمان واتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ يعني: عن الشرك، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ يعني: يقرون بها ويتمّونها، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعني: ويقرون بها ويؤدونها. وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يعني:
يطيعون الله في فرائضه، ويطيعون الرسول في السنن وفيما بَيَّنَ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ، يعني:
ينجيهم الله من العذاب الأليم. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذو النقمة حَكِيمٌ في أمره حكم للمؤمنين بالجنة وللكافرين بالنار. قال الفقيه: ذكر عن أبي سعيد الفاريابي أنه قال: سيرحمهم الله في خمسة مواضع: عند الموت وسكراته، وفي القبر وظلماته، وعند الكتاب وحسراته، وعند الميزان وندامته، وعند الوقوف بين يدي الله وسؤالاته.
قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ، يعني: المصدقين من الرجال والمصدقات من النساء. جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً، يعني: منازل طاهرة تطيب فيها النفس. فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ في قصور من الدُّر والياقوت.
وقال الفقيه: حدثنا محمد بن الفضل، وعبد الله بن محمد قالا: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل العابد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن مجاهد قال: قرأ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر جَنَّاتِ عَدْنٍ، فقال: «هل تدرون ما جنات عدن؟ ثمّ قال: قصر في الجنة من ذهب، له خمسمائة ألف باب، وعلى كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين، لا يدخلها إلا نبي، وهنيئاً لصاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو صديقٍ وهنيئاً لأبي بكر، أو شهيد وأنَّى لعمر بالشهادة!» ثم قال تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ، يعني: رضى الرب عنهم أعظم مما هم فيه من الثواب والنعيم في الجنة. ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، يعني: النجاة الوافرة.
سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ، الْكُفَّارَ بالسيف وَالْمُنافِقِينَ بالقول الشديد. قال ابن مسعود: قوله: جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ قال: «جاهد بيدك، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك، فالقهم بوجه عبوس» وعن الحسن قال: جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف والْمُنافِقِينَ بالحدود، يعني: أقم عليهم حدود الله. وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، يعني: اشدد عليهم، يعني: على الفريقين جميعاً في المنطق.