فأعطاه إيّاه، قال وأشار أبو لبابة إلى بني قريظة حين نزلوا على حكم سعد بن معاذ. وأشار إلى حلقه يعني: الذبح، وتخلف عن غزوة تبوك ثم تيب عليه، فذلك قوله: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وعسى من الله واجب أن يتجاوز عنهم. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
سورة التوبة (٩) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٤
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)
قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً، يعني: من الذين قبلت توبتهم، جاءوا بأموالهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: هذه أموالنا فخذها، وتصدق بها عنا، فكره أن يأخذها، فنزل خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ بها من ذنوبهم، ويقال: هذا ابتداء، يعني: خذ من أموال المسلمين صدقة، يعني: الصدقة المفروضة. تُطَهِّرُهُمْ، يعني: تطهر أموالهم، وَتُزَكِّيهِمْ بِها، يعني: تصلح بها أعمالهم. وَصَلِّ عَلَيْهِمْ، يعني: استغفر لهم وادع لهم إِنَّ صَلاتَكَ يعني دعاءك واستغفارك سَكَنٌ لَهُمْ يعني: طمأنينة لأن الله تعالى قد قبل منهم الصدقة، ويقال: إن الله قبل منهم التوبة. وَاللَّهُ سَمِيعٌ لقولهم ولصدقاتهم، عَلِيمٌ بثوابهم. قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر إِنَّ صلواتك بلفظ الجماعة، وقرأ الباقون صَلاتَكَ وقال أبو عبيدة: وهذا أحبَ إليّ، لأن الصلاة أكثر من الصلوات. ألا ترى إلى قول الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ الأنعام: ٧٢ وإنّما هي صلاة الأبد.
قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ، يعني:
ويقبل الصدقات. ومعناه: وما منعهم عن التوبة والصدقة، فكيف لم يتوبوا ولم يتصدقوا؟ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله هو يقبل التوبة عن عباده والصدقة؟ وروى أبو هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«إن الله يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ طَيِّبٍ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَصِيلَهُ أوْ مُهْرَهُ، حَتَّى تَكُونَ اللُّقْمَةُ مِثْلَ أحُدٍ» «١» وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ يعني: المتجاوز لمن تاب، الرَّحِيمُ بالمؤمنين.
سورة التوبة (٩) : الآيات ١٠٥ الى ١٠٦
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦)
قوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا أي: اعملوا خيرا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، يعني: ويراه رسوله، ويراه المؤمنون. وقال ابن مسعود رضي الله عنه «إن الناس قد أحسنوا
(١) حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (١٤١٠) ومسلم (١٠١٤) والترمذي (٦٦١) والنسائي: ٥/ ٥٧ وأحمد ٢/ ٣٨٢، ٤١٩، ٥٣٨ وابن ماجة (١٨٤٢) .