الحق. وَضَلَّ عَنْهُمْ، يعني: اشتغل عنهم آلهتهم بأنفسهم مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ يعني: يختلقون من الكذب الأوثان، فلا يكون لهم شفاعة، ويقال بطل افتراؤهم واضمحل.
سورة يونس (١٠) : الآيات ٣١ الى ٣٣
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣)
قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ، يعني: قل يا محمد للمشركين: من يرزقكم من السماء المطر ومن وَالْأَرْضِ النبات. أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ، يعني: يخلق لكم السمع والأبصار، وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ يعني: ومن يقدر أن يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت، يعني: الفرخ من البيضة. وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، يعني: البيضة من الطير، والنطفة من الإنسان، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يعني: من يقدر أن يدبر الأمر بين الخلق، وينظر في تدبير الخلائق، ويقال: من يرسل الملائكة بالأمر. فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ يفعل ذلك كله لا الأصنام، لأن الأصنام لم يكن لهم قدرة في هذه الأشياء. فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ الشرك فتوحدونه، إذ تعلمون أنه لا يقدر أحدٌ أن يفعل هذه الأشياء إلا الله تبارك وتعالى، ويقال: أَفَلا تَتَّقُونَ أي: تطيعون الله الذي يملك ذلك؟.
ثم قال تَعَالَيْ: فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ، وغيره من الآلهة باطل ليس بشيء. فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ، يعني: فما عبادتكم بعد ترك عبادة الله تعالى إلا عبادة الشيطان ويقال: فماذا بعد التوحيد إلا الشرك؟ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ، يعني: فمن أين تمتنعون عن الإيمان بالله؟ ويقال:
فَأَنَّى تُصْرَفُونَ عن هذا الأمر بعد المعرفة؟ وقال مقاتل: فمن أين تعدلون به غيره؟ ويقال:
كيف ترجعون عن هذا الإقرار؟.
ثم قال: كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ، يعني: هكذا وجبت كلمة العذاب من ربك، كقوله: وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ الزمر: ٧١ ويقال: وجبت كلمة ربك، وهو قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ الأعراف: ١٨ وقوله تعالى: عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا، يعني: كفروا بربهم.
أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ، يعني: لا يصدقون بعلم الله تعالى السابق فيهم، ويقال: أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ يعني: لأنهم لا يؤمنون فوجب عليهم العذاب بترك إيمانهم. قرأ نافع وابن عامر كلمات رَبَّكَ بلفظ الجماعة، وقرأ الباقون: كَلِمَةُ رَبِّكَ وكذلك الاختلاف في قوله: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ يونس: ٩٦ .