ولكن هلمّ فاعمل سبع سنين أخرى، فأزوّجك أختها، وكان الناس في ذلك الزمان يجمعون بين الأختين، إلى أن بعث الله موسى عليه السلام. فرعى له سبع سنين أخرى، فزوجه راحيل. وكان خاله حين جهزها دفع إلى كل واحدة منهما أمة تخدمها، فوهبتا الأمتين ليعقوب. فولدت لايا أربعة بنين، وولدت له راحيل ابنين، وولدت كل واحدة من الأمتين ثلاثة بنين، فجملة بنيه: اثنا عشر سوى البنات.
قال الفقيه أبو الليث: سمعت أهل التوراة يقولون: إن أسماء أولاد يعقوب مثبتة في التوراة: روبيل، وشمعون، ويهوذا، ولاوي، فهؤلاء من امرأته لايا. ويوسف، وبنيامين، من امرأته الأخرى راحيل. والستة الباقون من الأمتين: يستر، وبالعربية يساخر، وزوبولون وبالعربيّة زبالون، ودون وبالعربية دان، ونفتال وبالعربية: يفتاييل، وحوذ وبالعربية حاذ، وروى بعضهم:
هاذ بالهاء، وأشير، وبالعربية: أشر. فأراد يعقوب أن يخرج إلى بيت المقدس ولم يكن له نفقة، وكان ليوسف خال له أصنام من ذهب، فقالت لايا ليوسف: اذهب واسرق من أصنامه، فلعلنا نستنفق به. فذهب يوسف وأخذ واحدا، وكان يوسف أعطف على أبيه، وكان أحب أولاده إليه.
فحسده إخوته مما رأوا من حب أبيه له.
ورأى يوسف في المنام، أن أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين له فقالوا عند ذلك لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ بنيامين، أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ يعني: جماعة عشرة، فهو يؤثرهما علينا في المنزلة والحب، إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يقول: في خطأ بَيِّنٍ في حب يوسف وأخيه، حيث قدم الصغيرين في المحبة علينا، ونحن جماعة ونفعنا أكثر من نفعهما.
وقال مقاتل: كان فضل حُسْنِ يوسف على الناس في زمانه، كفضل القَمَرِ ليلة البدر على سائر الكواكب. وقال القتبي: العصبة: ما بين العشرة إلى الأربعين.
ثم قال بعضهم لبعض: اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً بعيداً من أبيكم يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ يقول: يقبل إليكم أبوكم بوجهه، ويصف لكم وجهه. ويقال: يصلح حالكم عند أبيكم وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ يعني: إذا غاب عنكم صلحت أحوالكم عند أبيكم، بعد ذهاب يوسف. ويقال: وتكونوا من بعد هلاكه قوماً تائبين إلى الله تعالى. وقال بعض الحكماء: هكذا يكون المؤمن، يهيئ أمر التوبة قبل المعصية.
سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٠ الى ١٤
قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠) قالُوا يا أَبانا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤)