ثم قال: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني: الكافرين لهم عذاب دائم. قرأ حمزة ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ بكسر الياء، وهي قراءة الأعمش. وقرأ الباقون: بنصب الياء. قال أبو عبيدة:
النصب أحسن. والأول ما نراه إلا غلطاً. وهكذا قال الزجاج. ويقال: هي لغة لبعض العرب.
والنصب هي اللغة الظاهرة. وهو موافق للعربية قرأ أبو عمرو أَشْرَكْتُمُونِي بالياء عند الوصل، وقرأ الباقون بغير الياء وقرأ نافع اشتدت بِهِ الرياح بالألف، والباقون بغير ألف.
سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٣
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣)
قوله تعالى: وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: وحدوا الله، وأدّوا الفرائض، وانتهوا عن المحارم جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وهي الأنهار التي ذكر في قوله فِيهَآ: أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ محمد: ١٥ الآية خالِدِينَ فِيها مقيمين في الجنة لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها أبدا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ يعني: يسلم بعضهم على بعض.
ويقال: لهم التحية من الله تعالى.
سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٤ الى ٢٥
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥)
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا يقول: كيف بيّن الله شبهاً كَلِمَةً طَيِّبَةً وهي كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، لا تكون في كلمة التوحيد زيادة ولا نقصان، ولكن يكون لها مدد وهو التوفيق للطاعة في الأوقات كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهي النخلة. كما أنه ليس في الثمار شيء أحلى وأطيب من الرطب، فكذلك ليس في الكلام شيء أطيب من كلمة الإخلاص.
ثم وصف النخلة فقال: أَصْلُها ثابِتٌ يعني: في الأرض وَفَرْعُها فِي السَّماءِ يعني:
رأسها في الهواء فكذلك الإخلاص يثبت في قلب المؤمن، كما تثبت النخلة في الأرض. فإذا تكلم المؤمن بالإخلاص، فإنها تصعد في السماء، كما أن النخلة رأسها في السماء، وكما أن النخلة لها فضل على سائر الشجر في الطول واللون والطيب والحسن، فكذلك كلمة الإخلاص لها فضل على سائر الكلام، فهذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن يقول: أَصْلُها ثابِتٌ يعني: أنّ المعرفة في قلب المؤمن ثابتة كالشجرة الثابتة في الأرض، بل هي أثبت في الشجرة في الأرض، لأن الشجرة تقطع ومعرفة العارف لا يقدر أحد أن يخرجها من قلبه، إلا المعرف الذي عرفه.
ويقال: وَفَرْعُها فِي السَّماءِ يعني: ترفع أعمال المؤمن المصدق إلى السماء، لأن الأعمال لا تقبل بغير إيمان، فالإيمان أصل، والأعمال فرع الإيمان، فترفع أعماله وتقبل منه.
ثم قال: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ يعني: تخرج ثمارها في كل وقت، وتخرج منها في كل