جعفر. قال: حدثنا إسحاق بن عبد الرحمن. قال: حدثنا محمد بن شاذان الجوهري. قال:
حدثنا محمد بن مقاتل. قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك. قال: حدّثنا مصعب بن ثابت عن عاصم بن عبيد، عن عطاء، عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: اطلع علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، ونحن نضحك، فقال: «أَتَضْحَكُونَ؟» ثم قال: «لا أُرَاكُمْ تَضْحَكُونَ» ثم أدبر فكأن على رؤوسنا الرخم، حتى إذا كان عند الحجر، ثم رجع إلينا القهقري فقال: «جَاءَ جِبْرِيلُ. فقال: يا محمد إن الله تَعَالَى يَقُولُ: لِمَ تقنط عبادي؟ «١» نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ» وقال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو يعلم العَبْدُ قَدَرَ رَحْمَةِ الله، مَا تَوَرَّعَ عَنْ حَرَامٍ قطّ، ولو علم قَدَرَ عُقُوَبةِ الله، لَبَخَعَ نفسه» . أي:
أهلك نفسه في عبادة الله تعالى.
ثم قال: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ أي: عن أضياف إبراهيم إلا أن هذا اللفظ مصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع، وذلك حين بعث الله تعالى جبريل في اثني عشر من الملائكة.
قوله: إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ أي: على إبراهيم فَقالُوا سَلاماً أي: فسلموا عليه. فرد عليهم السلام. كما قال في موضع آخر فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ الذاريات: ٢٥ وقال الكلبي: فأنكرهم إبراهيم في تلك الأرض، لأنهم لم يطعموا من طعامه. قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ أي: خائفين قالُوا لاَ تَوْجَلْ أي: لا تخف منا، وبشروه، فقالوا: إِنَّا نُبَشِّرُكَ قرأ حمزة نُبَشِّرُكَ بجزم الباء، مع التخفيف. ونصب النون، وضم الشين. وقرأ الباقون بالتشديد بِغُلامٍ عَلِيمٍ أي:
بإسحاق عَلِيمٍ في صغره، حليم في كبره، قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ أي: بعد ما أصابني الكبر والهرم فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قرأ نافع تُبَشِّرُونَ بكسر النون مع التخفيف، لأن أصله:
تبشروني بالياء، فأقيم الكسر مقامه. وقرأ ابن كثير فَبِمَ تُبَشِّرُونَ بكسر النون مع التشديد، لأنه في الأصل بنونين، فأدغم إحداهما في الأخرى مثل قوله تَأْمُرُونِّي وتُحاجُّونِّي
في الأصل. وقرأ الباقون تُبَشِّرُونَ بنصب النون مع التخفيف، لأنها نون الجماعة. وقال أبو عبيدة: هذا أعجب إليّ لصحتها في العربية قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ أي: بالولد. ويقال: بالصدق فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ أي: من الآيسين من الولد. ويقال: من نعم الله قالَ إبراهيم وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ أي: من نعمة ربه إِلَّا الضَّالُّونَ أي: الجاهلون. قرأ الكسائي، وأبو عمرو، يَقْنَطُ بكسر النون، وقرأ الباقون يَقْنَطُ بالنصب، ومعناهما واحد.
سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٧ الى ٦٥
قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠) فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١)
قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥)
(١) عزاه السيوطي: ٥/ ٨٦ إلى ابن جرير وابن مردويه.