للزهري: إن سعيد بن جبير وعكرمة قد اختلفا في رجل من المستهزئين، فقال سعيد: هو الحارث بن عيطلة. وقال عكرمة: هو الحارث بن قيس. فقال: صدقاً كانت أمه اسمها عيطلة، وأبوه قيس. ويقال: إنه أكل حوتاً مالحاً فأصابه عطش، فلم يزل يشرب عليه الماء حتى انقدّ فمات وهو يقول: قتلني رب محمد فنزل إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ أي:
يقولون مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ماذا يفعل بهم، هذا وعيد لسائر الكفار.
سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩٧ الى ٩٩
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)
قوله عز وجل: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ من تكذيبهم إياك فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ يقول: صلِّ بأمر ربك. ويقال: استعن بعبادة ربك، ولا تشغل قلبك بهم وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ من المصلين. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ أي: واستقم على التوحيد حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ أي: الموت.
قال الفقيه: حدثنا محمد بن الفضل. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف. قال: حدثنا المحاربي، عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل، عن مسلم عن جبير بن نفير، عن أبي مسلم الخولاني أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا أَوْحَى الله تَعَالَى إَليَّ أَنْ أَجْمَعَ المال وأكون من التّجار، ولكن أَوْحَى إِليَّ أَنْ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتّىَ يَأْتِيَكَ اليَقِينُ» «١» والله أعلم.
(١) عزاه السيوطي: ٥/ ١٠٥ إلى سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمي.