يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ الأحزاب: ٣٠ ، لأن درجة النبي صلّى الله عليه وسلّم ودرجة من وصفهم فوق درجة غيرهم، فجعل لهم العذاب أشد. وروي عن مالك بن دينار أنه قال: سألت أبا الشعثاء عن قوله: ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ، فقال: ضعف عذاب الدنيا، وضعف عذاب الآخرة.
ثم قال: ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يقول: مانعاً يمنعك من ذلك، ويقال: مانعاً يمنع منك العذاب، وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها، أي ليستزلونك وليخرجونك من أرض مكة. وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ، أي بعدك إِلَّا قَلِيلًا، فيهلكهم الله تعالى.
وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: قد فعلوا ذلك فأهلكهم الله تعالى يوم بدر، ولم يلبثوا بعده إلا قليلاً. وقال مقاتل: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ، يعني: من أرض المدينة.
نزلت الآية في حيي بن أخطب وغيره من اليهود حين دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة حسدوه وقالوا:
إنك لتعلم أن هذه ليست من أرض الأنبياء إنما أرض الأنبياء الشام، فإن كنت نبياً فاخرج منها فخرج، فنزل: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها، أي من أرض المدينة إلى الشام وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا وأمر بالرجوع إلى المدينة.
سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٧ الى ٧٨
سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧) أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨)
ثم قال تعالى: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا، أي: هكذا سنتي فيمن قد مضى:
أن أهلك من عصوا الرسول ولم يتبعوه، ولا أهلكهم ونبيهم بين أظهرهم، فإذا خرج نبيهم من بين أظهرهم عذّبهم. وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا، يعني: تغييراً أو تبديلاً. قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم في رواية حفص: لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ، وقرأ الباقون: خَلْفَكَ ومعناهما قريب، أي: بعدك.
ثم قال عز وجل: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أي: بعد زوالها الظهر والعصر إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ أي: إلى دخول الليل وهو المغرب والعشاء. وروى سالم، عن ابن عمر أنه قال:
«دلوكها زيغها بعد نصف النهار» . وقال قتادة: دلوكها زيغها عن كبد السماء. وروى ابن طاوس، عن أبيه أنه قال: دلوكها غروبها وروى معمر، عن الشعبي، عن ابن عباس أنه قال:
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ «حين تزول الشمس» . وروى مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: «دلوكها غروبها» ، وكذا قال ابن مسعود. وقال القتبي: إلى غسق الليل. والغسق ظلامه.
ثم قال: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، أي صلاة الغداة وإنَّما سميت صلاة الغداة قرآناً، لأن القراءة فيها أكثر وأطول. ويقال: لأنه يقرأ في كلتا الركعتين، وفي كلتا الركعتين القراءة فريضة. إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً، أي صلاة الغداة مشهودة، يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار