فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً، أي أطيب خبزاً أو أحل ذبيحة، وهذا قول ابن عباس، ويقال: أي أهلها أزكى طعاماً. وقال عكرمة: أي أكثر وأرخص طعاما. فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ، أي بطعام مِنْهُ. وَيُقَالُ: أَزْكى طَعاماً أي: لم يكن غصبا. وَلْيَتَلَطَّفْ، أي: وليرفق في السؤال. وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً، أي لا يُعلمن بمكانكم أحداً من الناس. إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ، يعني: إن يطلعوا عليكم يَرْجُمُوكُمْ، يقتلوكم. أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً، أي لن تفوزوا، ولن تسعدوا إذاً أبداً إن عبدتم غير الله تعالى.
وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ، يقول: أطلعنا الملك عليهم. قال القتبي: وأصله في اللغة أن من عثر بشيء، نظر إليه حتى يعرفه، فاستعير العثار مكان التبين والظهور لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، يعني: البعث بعد الموت. وذلك أن القوم كانوا مختلفين، منهم من كان مقراً بالبعث، ومنهم من كان جاحداً، فلما ظهر حالهم، عرفوا أن البعث حق وأنه كائن. وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ، يعني: إذ يختلفون فيما بينهم، وقال بعضهم: اختلفوا في عددهم وقال بعضهم: اختلفوا، فقال المؤمنون: فيما بينهم نبني مسجداً وقالت النصارى: نبني كنيسة، فغلب عليهم المسلمون وبنوا المسجد. فذلك قوله: فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً، أي مسجداً. رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ، أي عالم بِهِمْ. قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ، الذين كانوا على دين أصحاب الكهف وهم المؤمنون. لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً قال الزجاج: فيه دليل أنه ظهر أمرهم، وغلب الذين أقروا بالبعث على غيرهم، لأنهم اتخذوا مسجداً، والمسجد للمسلمين.
سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٢ الى ٢٤
سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢) وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤)
ثم قال تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ قال بعضهم: اختلفوا في أمرهم ويقال:
هذا الاختلاف في زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فاختلفوا وذلك أن أهل نجران: السيد والعاقب ومن معهما، قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكان السيد صارماً يعقوبياً، والعاقب نسطورياً، وصنف منهم ملكانيا فسألهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن عدة أصحاب الكهف، فقال السيد وأصحابه: ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ، أي العاقب وأصحابه: خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ، أي ظنا بالغيب.
وَيَقُولُونَ، أي صنف منهم: سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.
قال الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ وهذا إخبار من الله تعالى أن عدتهم سبعة. قال ابن عباس وفي رواية أُخرى أنه قال: «أظن القوم كانوا ثلاثة.