ثم قال تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ، أي لتلميذه وهو يوشع بن نون. وقال أَهل الكتاب: إنما هو موسى بن إفراتيم بن يوسف بن يعقوب، وذكر عن القتبي أنه قال: زعم أهل التوراة أنه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب، وقال عامة المفسرين: هو موسى بن عمران الذي هو أخو هارون.
قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله بن منبه: أن ابن عباس تمارى هو وجبر بن قيس الفزاري في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إليه، قال ابن عباس: «هو الخضر» ، إذ مر أبي بن كعب، فناداه ابن عباس فقال:
تماريت أنا وهذا في صاحب موسى، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «بَيْنَا مُوسَى فِي مَلإِ بَنِي إسْرَائِيلَ، إذْ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أحَداً أعْلَمَ مِنْكَ؟ فَقَالَ: لا، فَأَوْحَى الله إلَيْهِ بَلْ عَبْدِي الخَضِرُ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إلَى لِقَائِهِ، فَجَعَلَ الله لَهُ الحُوتَ آيةً. فَقَالَ: إذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا ما قَصَّ الله تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ» .
وروى سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوف البكالي زعم أن موسى نبي بني إسرائيل، ليس هو موسى صاحب الخضر، فقال ابن عباس: «كذب عدو الله، أخبرنا أبي بن كعب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قَامَ مُوسَى خَطِيباً في بَنِي إسْرَائِيلَ» ، وذكر نحو الحديث الأول» «١» .
وروى أسباط، عن السدي قال: بلغنا أن موسى بن عمران نبي الله خطب خطبة فأبلغ فيها، فدخله بعض العجب، وتعجبت بنو إسرائيل لبلاغته، فقالوا: يا نبي الله هل تعلم أحداً أبلغ منك؟ فأوحى الله تعالى إليه أن لي عبداً في الأرض هو أعلم منك فاطلبه قال: وما علامته؟ قال:
تنطلق معك بزاد، فإذا تعبت في سفرك أي أعييت وفقدت زادك، فعند ذلك تلقاه. فانطلق موسى وفتاه يوشع بن نون وحملا معهما خبزاً وحوتاً، فذلك قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ. قال الكلبي: وإنما سماه موسى فتًى لأنه كان يخدمه ويتبعه ويتعلم منه، وكان يوشع من أشراف بني إسرائيل، وهو الذي استخلفه موسى على بني إسرائيل. وقال مقاتل: كان فتاه يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى من سبط يوسف.
(١) عزاه السيوطي: ٥/ ٤٠٩ إلى البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي.