جهرية، واستدلوا أيضا بالكتاب والسنة والقياس.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف ٢٠٤/ ٧، وهي تأمر بالاستماع والإنصات، والاستماع خاص بالجهرية، والإنصات يعمّ السريّة والجهريّة.
وأما السّنة:
فقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «من صلّى خلف إمام، فإن قراءة الإمام له قراءة» (١)، وهو يشمل السرية والجهرية.
وأما القياس: فهو أنه لو وجبت القراءة على المأموم، لما سقطت عن المسبوق، كسائر الأركان، فقاسوا قراءة المؤتم على قراءة المسبوق في حكم الصلاة، فتكون غير مشروعة.
الرأي الثاني-للمالكية والشافعية والحنبلية: وهو وجوب قراءة الفاتحة بعينها في الصلاة للإمام والمنفرد،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، وحملوا النفي على نفي الحقيقة، لأن الأصل والأقوى أن النفي على العموم، أي لا صلاة صحيحة، ونفي الصحة أقرب إلى نفي الحقيقة.
وقوله عليه الصلاة والسلام أيضا: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» (٢)، ولفعله صلّى الله عليه وسلّم
كما روى مسلم، مع خبر البخاري: «صلوا كما رأيتموني أصلي». قال القرطبي: الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر، وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة، لكل أحد على العموم.
وتتعين عند الشافعية قراءة الفاتحة، في كل ركعة، للإمام والمأموم والمنفرد، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، فرضا أم نفلا،
لحديث:
(١) رواه أبو حنيفة عن جابر رضي الله عنه، وهو ضعيف، كما ذكر القرطبي (تفسير القرطبي: ١٢٢/ ١).
(٢) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحهما.