ذكر عن ابن عباس: أن هذا خبر من الله عن قيل الشاهد أنه قال للمرأة وليوسف, يقول: يا يوسف أعرض عن ذكر ما كان منها إلَيْك فِيمَا رَاوَدَتْك عليه ولَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ, وَاسْتَغْفِرِي أَنْتِ زَوْجك, سَلِيهِ أَنْ لَا يُعَاقِبك عَلَى ذَنْبك الَّذِي أَذْنَبْت، وَأَنْ يَصْفَح عَنْهُ فَيَسْتُرهُ عليك (١)، {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} يَقُول: مِنَ الْمُذْنِبِينَ فِي مُرَاوَدَتك يُوسُف عَنْ نَفْسه (٢).
وقوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} يَقُول تَعَالَى: وَتَحَدَّثَ النِّسَاء بِأَمْرِ يُوسُف وَأَمْر امْرَأَة الْعَزِيز فِي مَدِينَة مِصْر، وَشَاعَ مِنْ أَمْرهمَا فِيهَا مَا كَانَ، فَلَمْ يَنْكَتِم، وَقُلْنَ: امْرَأَة الْعَزِيز تُرَاوِد عَبْدهَا (٣) عَنْ نَفْسه, نحو ما روي عن ابن اسحاق. والْعَزِيز الْمَلِك فِي كَلَام الْعَرَب; وَمِنْهُ قَوْل أَبِي دُؤَاد (٤)
دُرَّةٌ غَاصَ (٥) عَلَيْهَا تَاجِرٌ ... جُلِيَتْ عِنْدَ عَزِيزٍ يَوْمَ طَلِّ
وهو مأخوذ من العزة, وقولُهُ: {شَغَفَهَا حُبًّا} يَقُول: قَدْ وَصَلَ حُبّ يُوسُف إِلَى شَغَاف قَلْبهَا، فَدَخَلَ تَحْته حَتَّى غَلَبَ عَلَى قَلْبهَا (٦). وَشَغَاف الْقَلْب: حِجَابه وَغِلَافه الَّذِي هُوَ فِيهِ (٧) وَإِليه عَنَى النَّابِغَةُ الذُّبْيَانيُّ (٨) قَوْلَه:
(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٣,ابن أبي حاتم، مرجع سابق، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٠.
(٢) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣٣١.ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٦١.الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ١٠٤.
(٣) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣٣١. ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٤.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣١.
(٤) أبو دؤاد الإيادي ١٤٦ - ٧٩ ق. هـ جارية بن الحجّاج بن حذاق الإياديّ شاعر جاهلي، وهو أحد نعات الخيل المجيدين ابن عساكر, مرجع سابق، ٣٧/ ٥٨. الذهبي, تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام ,مرجع سابق، ١٧/ ٩٨.
(٥) لم أجد هذا البيت في مكان آخر سوى في ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٦٢. والعكبري، التبيان في إعراب القرآن، مرجع سابق، ٦/ ١٢٨.والغوص: النزول تحت الماء, وقيل: الدخول في الماء. لسان العرب. (غ وص) , وجلا الأمر وجلَاه وجلي عنه: كشفه وأظهره, وجلا الصيقل السيف والمرأة ونحوهما جلوا وجلاء صقلهما. لسان العرب (ج ل و) , والطل: المطر الصغار القطر الدائم. لسان العرب (ط ل ل). ابن منظور، مرجع سابق، ٧/ ٦٢.
(٦) ابن جرير، مرجع سابق،.١٦/ ٦٣.
(٧) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٥. (حَالَ) لاستقامة المعنى ولثبوتها في ديوان النابغة والمراجع الأخرى.
(٨) زياد بن معاوية بن ضباب الذبيانيّ الغطفانيّ المضري، أبو أمامة: (نحو ١٨ ق هـ =نحو ٦٠٤ م)، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ومن أهل الحجاز وكانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة، وسمى بالنابغة الذبياني. ابن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء، مرجع سابق، ١/ ١٦٢. الجمحي, مرجع سابق, ١/ ٥١. الزركلي، مرجع سابق، ٣/ ٥٤.