وقال الشعبي (١): الْمَشْغُوف: الْمُحِبّ, وَالْمَشْعُوف (٢) الْمَجْنُون (٣)، وقال الحسن: قَدْ بَطَنَهَا حُبًّا (٤)، وقال الضحاك: هُوَ الْحُبّ اللَّازِق بِالْقَلْبِ (٥)، وقد قيل بالعين: شعف.
لتَقْتُلنِي (٦) وقدْ شَعَفْتُ فُؤادهَا ... كَما شَعَفَ المَهْنُوءةَ الرَّجلُ الطَّالِي
فشعف المرأة من الحب والمهنوءة وهي الناقة المطلية بالقطران (٧) من الدبر, فشبه لوعة الحب وجواه بذلك, وقوله تعالى: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي: قُلْنَ: إِنَّا لَنَرَى امْرَأَة الْعَزِيز ومُرَاوَدَتهَا فَتَاهَا عَنْ نَفْسه وَغَلَبَة حُبّه عليها لَفِي خَطَأ مِنَ الْفِعْل وَجَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل مُبِين لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَعَلِمَهُ أَنَّهُ ضَلَال وَخَطَأ غَيْر صَوَاب وَلَا سَدَاد, وَإِنَّمَا كَانَ قِيلُهُنَّ مَا قُلْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحَدُّثُهُنَّ بِمَا تَحَدَّثْنَ بِهِ مِنْ شَانِهَا وَشَانِ يُوسُفَ مَكْرًا مِنْهُنَّ، فِيمَا ذُكِرَ لِتُرِيهِنَّ يُوسُفَ, فَلَمَّا سَمِعَتْ امْرَأَة الْعَزِيز بِمَكْرِ النِّسْوَة اللَّاتِي قُلْنَ فِي الْمَدِينَة مَا ذَكَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُنَّ, قال ابن إسحاق: مكرن لتريهن يوسف, وكان
(١) هو عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمر الهمدانى ثم الشعبي وهو من حمير وعداده في همدان، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر بن الخطاب على المشهور، وعُد من التابعين، وقيل توفي بالكوفة سنة خمس ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنة. ابن سعد, مرجع سابق، ٦/ ٢٥٩. الخطيب البغدادي، مرجع سابق،١٤/ ١٤٣. المزي، مرجع سابق، ١٤/ ٢٨.
(٢) المشعوف: المجنون, ومن أصيب شعف قلبه بحب أو ذعر أوجنون. الفيروزآبادى، القاموس المحيط، ت: مكتبة التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، ط ٨، (بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، ١٤٢٦ هـ-٢٠٠٥ م) (ش ع ف) وجاء في لسان العرب: قرئت بالعين والغين, فمن قرأها بالعين المهملة فمعناها تيمها, ومن قرأها بالغين المعجمة أي أصاب شغافها. ابن منظور، مرجع سابق، ٩/ ١٧٧
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٦. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣١. الثعلبي، مرجع سابق، ٣/ ٨٣.
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٦٤. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣١.
(٥) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٨.
(٦) في ديوانه: ص ٣٣ (أَتَقْتُلُنِي وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤَادَهَا .... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوءَة الرَّجُلُ الطَّالِي).
(٧) ديوانه: ص ١٤٢. ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٦٧. " شعف"، وغيرها، من قصيدة البارعة، يقول وقد ذكر صاحبته وبعلها: "فَأَصْبحْتُ مَعْشُوقًا وَأَصْبَحَ بَعْلُها عَلَيْه القَتامُ سَيِّءَ الظَّنِّ وَالبالِ". ابن منظور، مرجع سابق، ٩/ ١٧٨.