آخرها وعاء أخيه, فاستخرج الصواع من وعاء أخيه, قال قتادة: ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثما مما قذفهم به حتى بلغ متاع الغلام, فقال: ما أظن هذا أخذ شيئا, قالوا: بلى فاستبرئه (١) , وقاله أيضا السدي (٢) ومعنى قول ابن إسحاق وابن جريج (٣) , وقولُهُ: {كَذَلِكَ كِدْنَا} يقول: هكذا صنعنا ليوسف (٤) حتى نخلّص أخاه لأبيه وأمه من إخوته لأبيه, بإقرار منهم أنَّ له أن يأخذه منه ويحبسه في يديه ويحول بينه وبينهم, وذلك أنهم قالوا جزاء من سرق الصواع أن من وجد ذلك في رحله فهو مسترق به, وذلك كان حكمهم وفي دينهم, فكاد الله ليوسف كما وصف لنا حتى أخذه أخاه منهم فصار عنده بحكمهم وصنع الله له (٥) , وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَاخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أي: ما كان يوسف ليأخذ أخاه في حكم ملك مصر وقضائه وطاعته منهم, لأنه لم يكن من حكم ذلك الملك وقضائه أن يسترق أحد بالسرق (٦) , فلم يكن ليوسف أخذ أخيه في حكم ملك أرضه إلا أن يشاء الله ذلك بكيده الذي كاده له, حتى أسلم من وجد في وعائه الصواع إخوته ورفقاؤه بحكمهم عليه وطيب أنفسهم بالتسليم بنحو ذلك قال مجاهد (٧)
وابن جريج والسدي والضحاك, وفِي دِينِ الْمَلِكِ أي: في سلطان الملك (٨) قاله ابن عباس والضحاك, وقال قتادة وابن جريج: في قضائه وحكمه (٩)، قال ابن زيد: ليس في دين الملك أن يؤخذ السارق بسرقته, وكان
(١) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٦,٣٢٥. ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٨٤.
(٢) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٧٥.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٨٥.
(٤) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٧٦.
(٥) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣٤٥.ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٢٦٢. ابن أبي حاتم، المرجع السابق.
(٦) ابن أبي حاتم، المرجع السابق.
(٧) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٨٧ ..
(٨) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٨٨. ابن أبي حاتم، المرجع السابق. السمرقندي، مرجع سابق، ٢/ ٢٠٤.
(٩) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٦.