وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عليكمْ مَوْثِقًا} يقول: أخذ عليكم عهودَ الله ومواثيقه, لتأتنه به إلا أن يحاط بكم, ومن قبل فعلتكم هذه، تفريطكم في يوسف. يقول: أو لم تعلموا من قبل هذا تفريطكم في يوسف؟ وقولُهُ: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ} يقول: فلن أبرح الأرض التي أنا بها: وهي مصر, فأفارقها {حَتَّى يَاذَنَ لِي أَبِي} بالخروج منها (١)، أو يقضي لي ربي بالخروج منها, وترك أخي ابن يامين، وإلا فإني غير خارج {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} والله خير من حكم، وأعدل من فصل بين الناس, وكان أبو صالح يقول: أو يحكم الله لي بالسيف (٢)، فكأنَّ أبا صالح وجّه {أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}: أو يقضي الله لي بحرب من مَنَعَني من الانصراف بأخي ابن يامين إلى أبيه يعقوب، فأحاربه.
وقوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ} يقول تعالى مخبرا عن قيل روبيل لإخوته، حين أخذ يوسف أخاه بالصواع الذي استُخرج من وعائه: {ارْجِعُوا}، إخوتي، {إِلَى أَبِيكُمْ} يعقوب فقولوا له {يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} (٣)، وقولُهُ: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} واختلف في ذلك فقال بعضهم معناها: وما قلنا إنه سرق إلا بظاهر علمنا فإن ذلك كذلك، لأن صواع الملك أصيب في وعائه دون أوعية غيره وهو قول ابن إسحاق (٤) , وقال ابن زيد: وما شهدنا عند يوسف بأن السارق
(١) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣٤٧.ابن جرير، المرجع السابق. النحاس، معاني القرآن الكريم، مرجع سابق، ٣/ ٤٥١.
(٢) ابن أبي حاتم، المرجع السابق. الثعلبي، مرجع سابق، ٥/ ٣٤٥. القيسي، الهداية إلى بلوغ النهاية، مرجع سابق، ٥/ ٣٦١٣.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٢١٠. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٨٢. السمرقندي، مرجع سابق، ٢/ ٢٠٥.
(٤) ابن أبي حاتم، المرجع السابق.