والشيطان الذي أزلهما هو إبليس. واختلف المفسرون , هل خلص إليهما حتى باشرهما بالكلام وشافههما بالخطاب أم لا؟ فقال عبد الله بن عباس , ووهب بن منبه , وأكثر المفسرين أنه خلص إليهما , واستدلُّوا بقوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} الأعراف: ٢١ وقال محمد بن إسحاق: لم يخلص إليهما , وإنما أوقع الشهوة في أنفسهما , ووسوس لهما من غير مشاهدة , لقوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} الأعراف: ٢٠ , والأول أظهر وأشهر. وقوله تعالى: {فَأَخْرجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} يعني إبليس , سبب خروجهما , لأنه دعاهما إلى ما أوجب خروجهما. قوله عزَّ وجلَّ: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}. الهُبوط بضم الهاء النزول , وبفتحها موضع النزول , وقال المفضل: الهبوط الخروج من البلدة , وهو أيضاً دُخولها , فهو من الأضداد , وإذا كان الهبوط في الأصل هو النزول , كان الدخُول إلى البلدة لسكناها نزولاً بها , فصار هُبوطاً. واختلفوا في المأمور بالهبوط , على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه آدم , وحواء , وإبليس , والحيَّةُ , وهذا قول ابن عباس. والثاني: أنه آدم وذريته , وإبليس وذريته , وهذا قول مجاهد. والثالث: أنه آدم , وحواء , والمُوَسْوِسُ. والعدو اسم يستعمل في الواحد , والاثنين , والجمع , والمذكر ,