بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} قوله عز وجل: {وَمَآ أرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِّيٍ إلَاّ أَخَذْنَا أَهْلَها بِالبَأْسآءِ وَالضَّرَّآءِ} فيه أربعة أقاويل: أحدها: أن البأساء: القحط , والضراء: الأمراض والشدائد , قاله الحسن. والثاني: أن البأساء الجوع , والضراء: الفقر , قاله ابن عباس. والثالث: أن البأساء: البلاء , والضراء الزمانة. والرابع: أن البأساء: ما نالهم من الشدة في أنفسهم. والضراء: ما نالهم في أموالهم , حكاه علي بن عيسى. ويحتمل قولاً خامساً: أن البأساء الحروب. {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} فيه وجهان: أحدهما: يتوبون. الثاني: يدعون , قاله ابن عباس. قوله عز وجل: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} فيه وجهان: أحدهما: مكان الشدة الرخاء , قاله ابن عباس , والحسن , وقتادة , ومجاهد. والثاني: مكان الخير والشر. {حَتَّى عَفَواْ} فيه أربعة أقاويل: أحدها: حتى كثروا , قاله ابن عباس , ومجاهد , والسدي , قال لبيد:
(وَأنَاسٌ بَعْدَ قَتْلٍ قَدْ عَفَواْ ... وَكَثِيرٌ زَالَ عَنْهُمْ فَانْتَقَلْ)
والثاني: حتى أعرضواْ , قاله ابن بحر. والثالث: حتى سُرّوا , قاله قتادة. والرابع: حتى سمنوا , قاله الحسن , ومنه قول بشر بن أبي حازم:
(فَلَمَّا أَنْ عَفَا وَأَصَابَ مَالاً ... تَسَمَّنَ مَعْرِضاً فِيهِ ازْوِرَارُ)