ثم فيما أُرِيدَ بالصفرة قولان: أحدهما: صفراء القرن والظلف , وهو قول سعيد بن جبير. والثاني: صفراء اللون كله , وهذا قول مجاهد. وفي قوله تعالى: {فاقع لونها} ثلاثة تأويلات: أحدها: الشديدة الصفرة , وهذا قول ابن عباس , والحسن. والثاني: الخالص الصفرة , وهذا قول قطرب. والثالث: الصافي , وهذا قول أبي العالية , وقتادة. {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} فيه وجهان: أحدهما: تعجب الناظرين بصفرتها , فتعجب بالسرور , وهو ما يتأثر به القلب , والفرح ما فرحت به العين , ويحتمل قوله: {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} وجهين: أحدهما: بحسن لونها فتكون ... . لصفرتها. والثاني: حسن سمتها , وصفت بذلك , ليكون ذلك زيادة شرط في صفتها , غير ما تقدم من ذكر صفرتها , فتصير البقرة على الوجه الأول , ذات وصف واحد , وعلى الوجه الثاني , ذات وصفين. قوله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ} فسألوا سؤالاً ثالثاً , ولم يمتثلوا الأمر بعد البيان الثاني , فروى ابن جريج , عن قتادة , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أُمِرُوا بِأَدْنَى بَقَرةٍ وَلَكِنَّهُم لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِم شَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِم , وَأيمُ اللهِ لَو أَنَّهُم لَمْ يَسْتَثْنُوا لَمَا بُيِّنَتْ لَهُم آخرُ الأَبَدِ) يعني أنهم لو لم يقولوا: {وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ما اهتدوا إليها أبداً. قوله عز وجل: {قَالَ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرةٌ لَاّ ذَلُولٌ} يعني لم يذللها العمل.