أمورهم , فقيل للمألوه إليه إله , كما قيل للمؤتمِّ به إمام. والقول الثاني: أنه مشتق من الألوهية , وهي العبادة , من قولهم فلان يتألَّه , أي يتعبد , قال رؤبةُ بن العجاج:
(لِلَّهِ دَرُّ الْغَانِيَاتِ المُدَّهِ ... لَمَّا رَأَيْنَ خَلِقَ الْمُمَوَّهِ)
٨٩ (سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِنْ تألهِي} ٩
أي من تعبد , وقد رُوي عن ابن عباس أنه قرأ: {وَيَذَرَكَ وءالِهَتَكَ} أي وعبادتك. ثم اختلفوا , هل اشتق اسم الإله من فعل العبادة , أو من استحقاقها , على قولين: أحدهما: أنه مشتق من فعل العبادة , فعلى هذا , لا يكون ذلك صفة لازمة قديمة لذاته , لحدوث عبادته بعد خلق خلقه , ومن قال بهذا , منع من أن يكون الله تعالى إلهاً لم يزل , لأنه قد كان قبل خلقه غير معبود. والقول الثاني: أنه مشتق من استحقاق العبادة , فعلى هذا يكون ذلك صفة لازمة لذاته , لأنه لم يزل مستحقّاً للعبادة , فلم يزل إلهاً , وهذا أصح القولين , لأنه لو كان مشتقّاً من فعل العبادة لا من استحقاقها , للزم تسمية عيسى عليه السلام إلهاً , لعبادة النصارى له , وتسمية الأصنام آلهة , لعبادة أهلها لها , وفي بطلان هذا دليل , على اشتقاقه من استحقاق العبادة , لا من فعلها , فصار قولنا (إله) على هذا القول صفة من صفات الذات , وعلى القول الأول من صفات الفعل.