والثاني: أنه زمان النبي صلى الله عليه وسلم كله إلى أنْ نَزَل ذلك عليه يوم عرفة , وهذا قول الحسن. وفي إكمال الدين قولان: أحدهما: يعني أكملت فرائضي وحدودي وحلالي وحرامي , ولم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الفرائض من تحليل ولا تحريم , وهذا قول ابن عباس والسدي. والثاني: يعني اليوم أكملت لكم حجتكم , أن تحجوا البيت الحرام , ولا يحج معكم مشرك , وهذا قول قتادة , وسعيد ابن جبير. {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} بإكمال دينكم. {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً} أي رضيت لكم الاستسلام لأمري ديناً , اي طاعة. روى قبيصة قال: قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية , لعظموا اليوم , الذى أُنْزِلت فيه عليهم , فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه , فقال عمر: قد علمت اليوم الذى أُنزلت فيه , والمكان الذي نزلت فيه , نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة , وكلاهما - بحمد الله - لنا عيد. {فَمَنِ آضْطُرَّ} أي أصابه ضر الجوع. {فِي مَخْمَصَةٍ} أي في مجاعة , وهي مَفْعَلة مثل مجهلة ومبخلة ومجبنة ومخزية من خمص البطن , وهو اصطباره من الجوع , قال الأعشى:
(تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ... وجاراتكم غرقى يبتن خماصا)
{غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثمٍ} فيه قولان: أحدهما: غير متعمد لإِثم , وهذا قول ابن عباس , والحسن , وقتادة , ومجاهد. والثاني: غير مائل إلى إثم , وأصله من جنف القوم إذا مالوا , وكل أعوج عند العرب أجنف. وقد روى الأوزاعي عن حسان عن عطية عن أبي واقد الليثي قال: قلنا