والثاني: أخرجوا أنفسكم من العذاب إن قدرتم , تقريعاً لهم وتوبيخاً بظلم أنفسهم , قاله الحسن. ويحتمل ثالثاً: أن يكون معناه خلصوا أنفسكم بالاحتجاج عنها فيما فعلتم. {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} والهون بالضم الهوان , قاله ذو الأصبع العدواني:
(أذهب إليك أمي براعية ... ترعى المخاض ولا أغضي على الهون)
وأما الهَوْن بالفتح فهو الرفق ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوناً} يعني برفق وسكينة , قال الراجز:
(هونكما لا يرد الدهر ما فاتا ... لا تهلكن أسى في أثر من ماتا)
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الفرادى الواحدان , ويحتمل وجهين: أحدهما: فرادى من الأعوان. والثاني: فرادى من الأموال. {وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ} يعني ما ملكناكم من الأموال , والتخويل تمليك المال , قال أبو النجم:
(أعطى فلم يبخل ولم يبخل ... كوم الذرى من خول المخول)
{وَمَا نَرَى مَعَكُم شُفعاءَكُمُ} فيه وجهان: أحدهما: آلهتهم التي كانوا يعبدونها , قاله الكلبي. والثاني: الملائكة الذين كانوا يعتقدون شفاعتهم , قاله مقاتل.