ازدادوا إلا طغيانا وكفرا وخسرانا ... وتلك سنّة أسلافهم فى تكذيب أنبيائهم، ولذا قال:
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤)
إن أرسلنا إليهم الرسل قابلوهم بفنون من الجحد، ووجوه من العلل مرّة يقولون فما بال هذا الرسول بشر؟ هلّا أرسله ملكا؟ ولو أرسلنا ملكا لقالوا هلّا أرسل إلينا مثلنا بشرا؟ ولو أظهر عليهم آية لقالوا: هذا سحر مفترى! ولو أخليناهم من رسول وعاملناهم بما استوجبوه من نكير لقالوا:
هلّا بعث إلينا رسولا حتى كنا نؤمن؟ فليست تنقطع أغلالهم، ولا تنفك- عما لا يرضى- أحوالهم. وكذلك سبيل من لا يجنح إلى الوصال ولا يرغب فى الوداد، وفى معناه أنشدوا:
وكذا الملول إذا أراد قطيعة ... سلّ الوصال وقال كان وكانا
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥)
الكل واقفون على التجويز غير حاصلين بوثيقة، ينتظرون ما سيبدو فى المستأنف، إلّا أنّ أرباب التفرقة ينتظرون ما سيبدو ممّا يقتضيه حكم الأفلاك، وما الذي توجبه الطبائع والنجوم. والمسلمون ينتظرون ما يبدو من المقادير فهم فى روح التوحيد، والباقون فى ظلمات الشّرك.