والطمأنينة. فسماع قوله: «اللَّهُ» أوجب لهم تهويلا، وسماع قوله: «لَطِيفٌ» أوجب لهم تأميلا.
ويقال: اللطيف من يعطى قدر الكفاية وفوق ما يحتاج العبد إليه.
ويقال: من لطفه بالعبد علمه بأنه لطيف، ولولا لطفه لما عرف أنه لطيف.
ويقال: من لطفه أنه أعطاه فوق الكفاية، وكلفّه دون الطاقة.
ويقال: من لطفه بالعبد إبهام عاقبته عليه لأنه لو علم سعادته لاتّكل عليه، وأقلّ عمله.
ولو علم شقاوته لأيس ولترك عمله.. فأراده أن يستكثر في الوقت من الطاعة.
ويقال: من لطفه بالعبد إخفاء أجله عنه لئلا يستوحش إن كان قد دنا أجله.
ويقال: من لطفه بالعبد أنه ينسيه ما عمله في الدنيا من الزّلة لئلا يتنغّص عليه العيش فى الجنة.
ويقال: اللطيف من نوّر الأسرار «١» ، وحفظ على عبده ما أودع قلبه من الأسرار «٢» ، وغفر له ما عمل من ذنوب في الإعلان والإسرار.
قوله جل ذكره:
سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٠
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)
«مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ» : نزده- اليوم- فى الطاعات توفيقا، وفي المعارف وصفاء الحالات تحقيقا. ونزده في الآخرة ثوابا واقترابا وفنون نجاة وصنوف درجات.
«وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا» : مكتفيا به نؤته منها ما يريد، وليس له في الآخرة نصيب.
(١) هذه (الأسرار) جمع السر وهو الملكة الباطنية التي تعلو الروح- كما نعرف من المذهب العرفانى للقشيرى.
(٢) وأما (الأسرار) الثانية فهى جمع السر كما نعرفه- بمعنى الشأن الخفي.