واختلف القراء في قوله تعالى: {وَاعَدْنَا} فقرأ أكثرهم (١) بالألف من المواعدة، لأن ما كان من موسى من قبول الوعد والتحري لإنجازه والوفاء به يقوم مقام الوعد، وإذا كان كذلك حسن القراءة بـ (واعدنا) لثبات التواعد من الفاعلين، كما قال: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (٢) البقرة: ٢٣٥ و-أيضا- فإن المفاعلة قد تقع من الواحد كسافر، وعافاه الله (٣)، وقد مر (٤).
وقرأ أبو عمرو (٥) (وعدنا) لكثرة ما جاء في القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا} (٦)، {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ} طه: ٨٦، {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} الأنفال: ٧، {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} إبراهيم: ٢٢، {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ} الفتح: ٢٠، فرد المختلف في إلى المتفق عليه (٧).
(١) قرأ أبو عمرو بغير ألف ووافقه من العشرة أبو جعفر ويعقوب, والباقون بالألف انظر: "السبعة" ص ١٥٥, "الحجة" لأبي علي ٢/ ٥٦, "التيسير" ص٧٣, "التبصرة" ص٢٥, "الغاية" ص ١٠١, "النشر" ٢/ ٢١٢, "تحبير التيسير" ص٨٧.
(٢) (لكن) ساقط من (أ) و (ج) تصحيف في الآية.
(٣) قال أبو علي: (.. فإذا كان الوعد من الله سبحانه, ولم يكن من موسى, كان من هذا الباب) "الحجة" ٢/ ٦٧.
(٤) مر في تفسير قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} البقرة: ٩ , وانظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٦, "حجة القراءات" لابن زنجلة: ص٩٦, "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧, "الكشف" لمكي ١/ ٢٤٠.
(٥) في (ب): (أبو عمر).
(٦) المائدة:٩, والنور: ٥٥, والفتح:٢٩.
(٧) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٧. وقال ابن زنجلة: وحجة أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين. "حجة القراءات": ص٩٦, انظر: "الحجة" لابن خالويه: ص٧٧, =