ثم ذكر ما فعل بالأمم المكذبة تخويفًا لهم فقال:
٢٥ - {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} الآية. قال ابن عباس: يريد ما صنع بقوم نوح وعاد وثمود (١)، ونحو هذا قال مقاتل (٢).
٢٦ - {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ} قال الكلبي: لما خرج إبراهيم من السرب وهو ابن سبع عشرة سنة، أبصر قومه وأباه يعبدون الأصنام فقال لهم هذا القول (٣).
وقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} قال الكساني والفراء والمبرد: براء: مصدر لا يثنى ولا يجمع مثل: عدل ورمي، تقول العرب: أنا البرآء منك والخلا، ولا يقولون: البراءان والبراءون؛ لأن المعنى: ذو البراء، وذو البراء، فإن قلت: بريء وخلى، ثنيت وجمعت (٤)، ثم استثنى خالقه من البراءة فقال:
٢٧ - {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} المعنى أنا أتبرأ مما تعبدون إلا من الله -عز وجل-، ويجوز أن يكون (إلا) بمعنى لكن، فيكون المعنى لكن الذي فطرني {فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} أي سيرشدني لدينه ويوفقني لطاعته، قاله ابن عباس (٥). والوجهان في الاستثناء ذكرهما الزجاج (٦).
٢٨ - قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: يعني لا إله إلا الله، وقال قتادة: لا يزال في ذريته من يعبد
(١) ذكر ذلك الشوكاني في "فتح القدير" ٤/ ٥٥٣ ولم ينسبه.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٣.
(٣) ذكر ذلك في "تفسير الوسيط" انظر: ٤/ ٦٩.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٣٠، "اشتقاق أسماء الله" لأبي القاسم الزجاجي ص ٢٤٢.
(٥) ذكر ذلك البغوي ٤/ ٢١٠، والشوكاني ٤/ ٥٥٣ ولم ينسبه.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٠٩.