فجعلها حبشية لما اشتدت خضرتها (١). وكذلك قوله أيضا أنشد أبو علي في تفسير هذه الآية:
حواء قرحاء أَشْرَاطِيَّةُ وكفت ... فيها الذَهابُ وَحَفَّتْها البراَعِيمُ (٢)
يصف روضة بشدة الخضرة فجعلها حواء.
قال أبو علي: وعلى ضد هذا وصف الجدب البياض فقيل سنة شهداء من ذلك قول أوس:
علي دبر الشهر الحرام بأرضنا ... وما حولها جدب سنون تلمع (٣)
فقوله: تلمع؛ معناه أنه لا خصب فيها ولا نبات.
٦٦ - وقوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} قال أبو عبيدة: فوارتان. قال الليث: النضخ فور الماء من العين (٤). وقال المبردت النضاخة الرفاعة بالماء.
واختلفوا في الذي تنضخ به العينان، فقال عطاء عن ابن عباس وابن مسعود وأنس: تنضخ على أولياء الله المسك والعنبر والكافور، وفي دور أهل الجنة كما ينضخ طش المطر (٥)، وقال الحسن وعطاء الخراساني: تنبعان ثم تجريان (٦)، وهو قول سعيد بن جبير، وزاد فقال: نضاختان
(١) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤٤٢ - ٤٤٣.
(٢) انظر: "الكامل" ٣/ ٣٦.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ١١١ (نضخ).
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٤٦ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٧٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٨٥.
(٦) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٤٦ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٨٥.