العمل للآخرة وهي صفة حياة الكافر وحياة من يشتغل باللهو واللعب وما ذكر بعدهما، وهي خطاب للكافر وتحذير للمؤمنين عن مثل حياتهم، ويدل على هذا قوله: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ} فختم بذكر العذاب، والمعنى: فعذاب شديد لمن كانت حياته بهذه الصفة.
قال مقاتل: عذاب شديد لأعداء الله {وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} لأوليائه وأهل طاعته (١). وقاله ابن عباس.
قال الزجاج: معناه: مغفرة لأولياء الله، وعذاب لأعدائه (٢).
وقال الفراء: ذكر ما في الدنيا وأنه على ما وصف، ثم قال: وأما الآخرة فإنها إما عذاب وإما جنة (٣).
قوله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} يعني لمن عمل لها ولم يعمل للآخرة، وهو معنى قول مقاتل، أي: لمن اغتر بها يتمتعون ثم يذهب (٤).
وقال سعيد بن جبير: متاع الغرور هو ما يلهيك عن طلب الآخرة وما لم يلهك فليس بمتاع الغرور ولكنه متاع بلاغ إلى ما هو خير منه (٥).
٢١ - قوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} مضى تفسير هذه الآية عند قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} آل عمران: ١٣٣.
قوله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} فيه ثلاثة أقوال.
(١) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٥٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٩٨.
(٢) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٢٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٣٥.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٣٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٥٦.
(٥) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٩٨، و"لباب التأويل" ٧/ ٣٦، و"فتح القدير" ٥/ ١٧٥.