والخلق أرق شأنا من أن يعصوا ربهم طرفة عين إلا بما أراد (١) وهذا القول هو اختيار الزجاج, لأنه قال: تأويله الذي جبر الخلق على ما أراد (٢).
وقال ابن الأنباري: الجبار في صفة الله: الذي لا ينال، ومنه قيل للنخلة التي فاتت يد المتناول: جبارة (٣).
هذا الذي ذكرنا معاني الجبار في صفة الله تعالى، وللجبار معان في صفة الخلق:
أحدهما: المسلط كقوله: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} ق: ٤٥.
والثاني: القوي العظيم الجسم، كقوله: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} المائدة: ٢٢.
وقوله: {إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا} القصص: ١٩.
والثالث: التكبر على عبادة الله، كقوله: {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} مريم: ٣٢.
والرابع: القتال كقوله: {بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ} الشعراء: ١٣٠.
وقوله: {إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ}، ذكر ذلك ابن الأنباري (٤). ومضى الكلام على كل واحد في موضعه.
قوله: {الْمُتَكَبِّرُ} قال ابن عباس: الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله (٥).
(١) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ١٠٣ أ، و"الدر" ٦/ ٢٠٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥١.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ٥٨ (جبر)، و"اللسان" ١/ ٣٩٥ (جبر)، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩٤.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ٥١، و"اللسان" ١/ ٣٩٥ (جبر)، وقد نسباه للحياني.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩٤.